فهذه الطريقة أحسن، وتلك الطريقة أعم في أشعارهم وأكثر، وأما «حوافر حفر» ففي غاية القباحة، كذلك «صلب صلب» يريد صلابته.
وقوله:«أشاعر شعر» معنى صحيح، لأن «الأشاعر»: ما حول الحافر من الشعر، ويستحب أن يكون وافياً، و «خلق أخلق» أيضاً كلام عدل، لأنه أراد إملاسه واستواءه، والخلاقة أيضاً حسن، وإنما طرحه في تخليط الصدر صحة هذا العجز؛ لأنه أراد أن يجعل ألفاظ هذا البيت كلها متجانسة، وما أفسد شعره وأحال أكثر معانيه وخبله غير عشقه للطباق والتجنيس.
وقوله:«وبشعلة نبذ كأن فليلها» يريد ما تفرق منها في صهوتيه، والصهوة موضع اللبد، وهو مقعد الفارس، وذلك الموضع أبداً ينحت شعره ويبيض لغمز السرج إياه، وأنت تراه في الخيل كلها على اختلاف شياتها، وليس هو بالبياض المحمود، ولا هي شعلة، ولا البياض في ذلك الموضع أن لو كان خلقة حسناً ولا جميلاً، وهذا من أقبح الأوصاف وأهجنها، وأبعدها عن الصواب.
والشعلة والشعل إنما هي بياض في الذنب والناصية وهو من عيوب الخيل، وهو في الناصية الشعل والسعف، ولا يكون الشعل في الصهوة، لا يقال: فرس أشعل إلا للذي في عرض ذنبه، أو ناحية من ناصيته بياض.
وقد أخذ البحتري هذا منه، فأتى به على غاية ما يكون من الحلاوة والحسن فقال:
وبشعلة كالشيب مر بمفرقي ... غزل لها عن شيبه بغرامه