أعجب من الغيث كيف ارفض فانقشعا ... وصالح العيش كيف اعتيق فارتجعا
وقال:
لأية حال أعلن الوجد كاتمه ... وأقصر عن داعي الصبابة لائمه
وقال:
غروب دمع من الأجفان تنهمل ... وحرقة بغليل الحزن تشتعل
فذلك ثلاثة عشر ابتداء كلها جيد حسن إلا قوله:
«وإن أطلب الأشجان لا تتعذر»
فإن الأشجان جمع شجن، والشجن: الحاجة المهمة، وهذا ضد ما ذهب
إليه، وكأنه -والله أعلم- أراد:«وإن أطلب الأشجاء» جمع شجا، من: شجيت بالشيء أشجى شجاً، فتكون: متى أبلغ الصبابة -وهي رقة الشوق- أقدر عليها، لأنها موجودة معي، وإن أطلب ما أشجى به ويحزنني لا يتعذر أيضاً، فيكون المعنى: أنه صب أبداً، وحزين أبداً، ولم يقصد إلى قسمين مختلفين، وما أظنه قال إلا «الأشجاء» -والله أعلم- فألحقت النون، وإلا فمثل البحتري لا يذهب عليه فرق ما بين الشجى والشجن.