وأصاب أبو العباس في إنكاره أن تكون عيدان الأراك جذوعاً، وإن لم يلخص المعنى؛ لأن عيدان الأراك لا تغلظ حتى تصير كالجذوع، ولا تقاربها.
فإن قيل: إن الشجرة من الأراك قد تعظم حتى تصير دوحة يستظل بها الجماعة من الناس والسرب من الوحوش، وذلك معروف موجود، وقد قال الراعي:
غذاه وحولى الثرى فوق متنه ... مدب الأتى والأراك الدوائح
والدوائح: العظام منه، جمع دوحة.
قيل: إن الأمر وإن كان كذلك في بعض شجر الأراك من علوها وتشعب أغصانها في الغلظ، ولو انتهت إلى هذه الحالة - وذلك غير معولم - لما قيل لها أيضاً " جذوع "؛ لأن الجذع إنما هو للنخلة فقط، وقد يقال على سبيل الاستعارة لما يشبه بالنخلة، قال الراجز:
بكل طرفٍ أعوجي صهال ... يمشي إذا ما قيد مشى المختال
تحت هواد كجزوع الأوقال
فقال:" كجذوع الأوقال " والأوقال: جمع وقلة وهي شجرة المقل؛ لأن فيها شبهاً من النخل من جهة الخوص والليف.