للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجدك ما تنفك نشكو قضية ... ترد إلى حكم من الدهر جائر

ينال الفتى ما لم يؤمل وربما ... أتاحت له الأقدار ما لم يحاذر

وقال أبو تمام:

إن ريب الزمان يحسن أن يهـ ... ـدي الرزايا إلى ذوي الأحساب

فلهذا يجف بعد اخضرار ... قبل روض الوهاد روض الروابي

وهذا أيضاً من ألفاظه الركيكة السوقية، وعاداته السخيفة العامية، لأن من ألفاظ العوام أبداً أن يقولوا: يا فلان أنت تحسن أن تأخذ، ولا تحسن أن تعطي، وتحسن أن تعق، ولا تحسن أن تبر، وربما جاء اللفظ في موضعه فلم يقبح، فجاء به أبو تمام في أقبح موضع، وما كانت به حاجة إلى «يحسن» ولو قال:

إن ريب الزمان يهدي المنايا ... والرزايا إلى ذوي الأحساب

فتكون المنايا مهداة إلى من أصيب، والرزايا إلى قومه، أو غير المنايا، فإن الألفاظ كثيرة، ولو قال: «إن ريب الزمان لن يني يهدي الرزايا» أو «إن ريب الزمان مجتهد يهدي الرزايا»، ولو قال: «فتراها تجف بعد اخضرار» لكان أحسن من قوله: «فلهذا»، لأنا قد منا نعلم ما يريد بالتمثيل من غير إشارة هجينة.

وقال البحتري:

ما كنت أحسب أن عزك يرتقي ... بالنائبات ولا حماك يرام

قدر عدت فيه الحوادث قدرها ... وتجاوزت أقدارها الأيام

<<  <  ج: ص:  >  >>