للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال البحتري:

وإذا هبت الرياح نسيماً ... فعلى ربع دارها والجناب

فشرط أن تكون الرياح نسيما، وقال:

راحت لأربعك الرياح مريضةً ... وأصاب مغناك الغمام الصيب

فشرط أن تكون الرياح مريضةً؛ لئلا تعفوها وتمحوها.

فإن قيل: فلعله أراد " بين الصبا وقبولها " أي: بين الصبا سهلها ولينها، ولا يكون يريد بالقبول اسمها المعروف، وإنما يريد الاسم الذي يقع للريح اللينة المس، فكأنه قال " بين القبول وقبولها " كما يقال: " جاءنا عباسٌ وعباسه " أي: ووجهه العباس، و " أتانا الضحاك وضحاكه " أي: ووجهه الضحاك؛ لأن التعبيس والضحك في الوجه، و " فتنتنا حوراء بحوارئها " أي: بعينها الحوراء.

قيل: هذا كله لفظ سائغ مستقيم، غير أنا ما سمعنا مثل هذا في الريح، ولا علمناه في اللغة، ولا وجدنا في الشعراء أحداً قال: " الصبا وقبولها "، ولا " الجنوب وقبولها " ولا " الشمال وقبولها " أي: سهلها ولينها، ولو أراد الطائي ذلك كان أيضاً مخطئاً؛ لأن الريح لينها وشديدها ريحٌ واحدة، وقد قال أبو تمام " أثلاثا " فدل على أنه أراد ثلاث رياح، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>