وقول أبي تمام:«قد ضج منها المرفوع والمخفوض» ليس بضد لهذا المعنى، لكنه خلاف له، ولأنه لم يرد بضجيج القوافي أنها تعسرت عليه، ولا حزنت، وإنما ذهب إلى أن الاستعمال كثر عليها فملت، وليست من الاستعارة الحلوة.
وقال:«المديح الجزيل والشكر والكد»، فما وجه اقتران الكد بالشكر، وهي لفظة لا تليق بألفاظ البيت، وما أقرب معناها من معنى ضجيج القوافي.
وقال أبو تمام:
قد جاء من وصفك التفسير معتذراً ... بالعجز إن لم يغثني الله والجمل
وقد لبست أمير المؤمنين بها ... حلياً نظاماه بيت سار أو مثل
غريبة تونس الآداب وحشتها ... فما تحل على قوم فترتحل
وقوله:«إن لم يغثني الله والجمل» هو كما يقول القائل: أنا أعجز عن شرح فضائل فلان، وما فيه على التعديد: هو أجود الناس وأدمث الناس، ونحو هذا مما جرت به العادة، وقوله:«والجمل» أي: هذه الجمل التي أجملتها ولكني أجمل لك القول، وأقصره، ولا أطيله.