للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلام وأصحه، فإن كانت العرب سمت الشمال والجنوب - إذا هبتا هبوباً سهلا ليناً - قبولا فإنما شبهوها بالصبا وأعاروها اسمها. وإنما قيل لها قبول لأنها تأتي من مطلع الشمس، وهو الموضع الذي يقبل منه النهار، وقيل للدبور دبوراً لأنها تهب من حيث يدبر، وقد قيل غير ذلك، وهذا هو الصحيح. وحكى بعضهم عن النضر بن شميل أنه قال: القبول ريحٌ تلى الصبا ما بينها وبين الجنوب، وهذا غير معروف ولا معول عليه، وقد ذكر بعضهم أن قوما شموا الشمال قبولاً، قال: وليس ذلك بثبت، ولا معول عليه إلا أن يكون قاله على هذا الوجه الذي ذكرته على التشبيه. والله أعلم.

وبيت أبي تمام لا يحتمل أن يتأول فيه هذه الريح؛ لأنه أراد محو الديار، ولا تذكر في محو الديار القبول الخفيفة الهبوب الطيبة المس مع الدبور التي لا تكاد تهب، فإن هبت لم تأت إلا شديدة مزعجة.

ولو قال آخر ممن لا تمييز معه: أراد بين الصبا وقبولها، أي: الريح التي قبلتها، كأنها قابلتها فقبلتها فهي قبولها، يعني ريحاً من الرياح، كما يقال: فاخرته ففخرته، وخاصمته فخصمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>