للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد، فإن من أعجب الوسواس خطوات البث في البدن.

٢٦ - ومن ردئ استعاراته وقبيحها قوله:

جارى إليه البين وصل خريدةٍ ... ماشت إليه المطل مشى الأكبد

الهاء في " إليه " راجعةٌ إلى المحب، يريد أن البين " ووصل الخريدة تجاريا إليه، فكأنه أراد أن يقول: إن البين " حال بينه وبين وصلها، واقتطعها عن أن تصله، وأشباه هذا من اللفظ المستعمل الجاري، فعدل إلى أن جعل البين والوصل تجاريا إليه، وأن الوصل في تقديره جرى إليه يريده فجرى البين ليمنعه، فجعلهما متجاريين، ثم أتى في المصراع الثاني بنحو من هذا التخليط، فقال: ماشت إليه المطل مشى الأكبد، فالهاء هنا راجعة إلى الوصل: أي لما عزمت على أن تصله عزمت عزم متثاقلٍ مماطل فجعل عزمها مشيا، وجعل المطل مماشيا لها، فيا معشر الشعراء والبلغاء ويا أهل اللغة العربية: خبرونا كيف يجاري البين وصلها؟ وكيف تماشي هي مطلها؟ ألا تسمعون؟ ألا تضحكون؟ وأنشد أبو العباس ابن المعتز في كتاب سرقات الشعراء لسلم الخاسر يعيبه بردئ الاستعارة في قوله يري موسى الهادي:

<<  <  ج: ص:  >  >>