للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما من يواصله حبيبه فمغبوط أبداً ومحسود، وقد قيل في ذلك من الأشعار ما هو أشهر وأكثر؛ فمنها قول يزيد بن الطثرية:

أعوذ بخديك الكريمين أن يرى ... لنا حاسدٌ في غبر الوصل مطمعا

وقول أب يصخر الهذلي:

فقد تركتني أحسد الطير أن أرى ... أليفين منها لم يروعهما النفر

وقول جرير:

ويحسد أن يزوركم، ويرضى ... بدون البذل لو علم الحسود

وقول جميل بن معمر:

لولا الوشاة لزرتكم ببلادكم ... لكن أخاف مقالة الحساد

وقول عتبة بن بجير الحارثي:

أيام تهجرني ليلى وأحسدها ... وأطيب العيش عندي مضغة الحسد

أي: هي تهجرني، وأنا أحسدها: أي أحسد عليها.

وليس الأمر عندي في هذا البيت على ما تأوله هذا المتأول وظنه، وذلك أن البحتري لم يرد بقوله " لم أر كالهجر لم يرحم معذبه " جنس الهجر، ولا جنس الوصل، فيخرج الكلام مخرج العموم لكل هجر وكل وصل، كما يقال: أهلك الناس الدينار والدرهم، وإنما أراد " لم أر كالهجر لم

<<  <  ج: ص:  >  >>