يشبه بشيء يقع التشبيه فيه من جميع الجهات حتى لا يغادر منها شيئاً، وقد يكون إنما شبه به ببعض ما فيه لا بكله.
١٤ - ورأيت من عاب قوله:
وصبغت أخلاقي برونق خلقه ... حتى عدلت أجاجهن بعذبه
وقالوا: إنما كان ينبغي لما ذكر الأجاج والعذب أن يقول " فمزجت " لا أن يقول " وصبغت " أو لما قال " وصبغت " أن يقول " حتى عدلت ألوانهن بحسن لونه ".
وليست هذه المعارضة بشيء، والمعنى صحيحٌ، ولذلك أنه ليس هناك صبغ على الحقيقة فيقابل بذكر لون حتى يتكافأ المعنيان، ولا مشروب عذبٌ ولا أجاج على الحقيقة فيستعمل بذكر المزاج، وهذه استعارات ينوب بعضها عن بعض، ويقوم بعضها مقام بعض؛ لأنها ليست بحقائق فيما استعبرت له، ألا ترى أنك تقول: فلان قد شارك فلاناً، وخالطه، ومازجه، وانسبغ به، بمعنى واحد، وإن كان بعضها أوكد من بعض، ولا يكون هناك مداخلة ولا ممازجة لجسم في جسم، ولا مخالطة على الحقيقة.
١٥ - ومما عيب عليه من التعسف والتعقيد في اللفظ قوله:
فتى لم يمل بالنفس منه عن العلى ... إلى غيرها شيءٌ سواه مميلها