للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعض الناس يرى أنه لاحنٌ، ويقول: إنه إنما أراد فتى لم يمل بنفسه عن العلى شيء مميل نفس سواه، أي: ما يميل النفس عن المعالي من اللهو واللعب والدعة وحب الراحة والضن بالمال، ونحو هذا من الأشياء الشاغلة عن السؤدد، فقدم " سواه " وكنى عن النفس بقوله " مميلها " بعد أن حذفها، قال: وذلك غير جائز؛ لأنك إذا قلت " لن يضرب هامة عمرو وأحدٌ ضارب هامة غيره فقدمت " هامة غيره " فقلت: لن يضرب هامة عمرو واحدٌ هامة غيره ضاربها، وجعلت الهاء في " ضاربها " كنايةً عن الهامة لتقدمها جاز؛ إلا أن البصريين من النحويين يقولون: " هامة غيره ضاربها هو " كما أنه لو قال: " شيءٌ نفس سواه مميلها هو " جاز، فإن فككت الإضافة وأسقطت هامة وقدمت " غير " فقلت: " لن بضرب هامة عمرو واحدٌ غير ضاربها " لم يجز؛ لإسقاطك الهامة التي كنايتها الهاء في قولك " ضاربها " ولا تجوز الكناية عن غير مذكور في مثل هذا، فكذلك لا يجوز في البيت " شيء سواه مميلها " وهو يريد شيء نفس سواه مميلها؛ لأن الهاء في قوله " مميلها " كناية عن النفس؛ فلا يجوز إسقاط النفس.

وهذا لعمري إن كان البحتري أراده فهو غالط، غير أنه - والله أعلم -

<<  <  ج: ص:  >  >>