للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى إسحاق الموصلي قال: قال لي المعتصم: أخبرني عن معرفة النغم وبينها لي، فقلت: إن من الأشياء أشياء تحيط بها المعرفة، ولا تؤديها الصفة.

قال: وسألني محمد الأمين عن شعرين متقاربين، وقال: اختر أحدهما، فاخترت، فقال: من أين فضلت هذا على هذا وهما متقاربان؟ فقلت: لو تفاوتا لأمكنني التبيين، ولكنهما تقاربا وفضل هذا بشيء تشهد به الطبيعة ولا يعبر عنه اللسان.

وقد قيل لخلفٍ الأحمر: إنك لا تزال ترد الشيء من الشعر، وتقول: هو ردئ، والناس يستحسنونه! فقال: إذا قال لك الصيرفي إن هذا الدرهم ظائفٌ فاجهد جهدك أن تنفقه فإنه لا ينفعك قول غيره: إنه جيد.

فمن سبيل من عرف بكثرة النظر في الشعر والارتياض فيه وطول الملابسة له أن يقضي له بالعلم بالشعر والمعرفة بأغراضه، وأن يسلم له الحكم فيه، ويقبل منه ما يقوله، ويعمل على ما يمثله. ولا ينازع في شيء من ذلك؛ إذ كان من الواجب أن يسلم لأهل كل صناعة صناعتهم، ولا يخاصمهم فيها، ولا ينازعهم إلا من كان مثلهم نظراً في الخبرة وطول الدربة والملابسة؛

<<  <  ج: ص:  >  >>