قالوا: وهذا أصل يحتاج إليه الشاعر والخطيب صاحب النثر؛ لأن الشعر أجوده أبلغه، والبلاغة إنما هي إصابة المعنى وإدراك الغرض بألفاظ سهلة عذبة مستعملة سليمة من التكلف، لا تبلغ الهذر الزائد على قدر الحاجة، ولا تنقص نقصاناً يقف دون الغاية، وذلك كما قال البحتري:
وركبن اللفظ الغريب فأدرك ... ن به غاية المرام البعيد
فإن اتفق - مع هذا - معنى لطيف، أو حكمة غريبة، أو أدب حسن؛ فذلك زائد في بهاء الكلام، وإن لم يتفق فقد قام الكلام بنفسه، واستغنى عما سواه.
قالوا: وإذا كانت طريقة الشاعر غير هذه الطريقة، وكانت عبارته مقصرة عنها، ولسانه غير مدركٍ لها حتى يعتمد دقيق المعاني من فلسفة يونان أو حكمة الهند أو أدب الفرس، ويكون أكثر ما يورده منها بألفاظ متعسفة ونسج مضطرب، وإن اتفق في تضاعيف ذلك شيء من