صحيح الوصف وسليم النظم قلنا له: قد جئت بحكمة وفلسفة ومعانٍ لطيفة حسنة، فإن شئت دعوناك حكيما، أو سميناك فيلسوفا، ولكن لا نسميك شاعراً، ولا ندعوك بليغاً؛ لأن طريقتك ليست على طريقة العرب، ولا على مذاهبم، فإن سميناك بذلك لم نلحقك بدرجة البلغاء، ولا المحسنين الفصحاء، وينبغي أن تعلم أن سوء التأليف وردئ اللفظ يذهب بطلاوة المعنى الدقيق ويفسده ويعميه حتى يحتاج مستمعه إلى طول تأمل، وهذا مذهب أبي تمام في عظم شعره، وحسن التأليف وبراعة اللفظ يزيد المعنى المكشوف بهاءً وحسناً ورونقاً حتى كأنه قد أحدث فيه غرابه لم تكن، وزيادةً لم تعهد، وذلك مذهب البحتري، ولذلك قال الناس: لشعره ديباجة، ولم يقولوا ذلك في شعر أبي تمام، وإذا جاء لطيف المعاني في غير بلاغة ولا سبك جيدٍ ولا لفظ حسن كان ذلك مثل الطراز الجيد على الثوب الخلق، أو نفث العبير على خد الجارية القبيحة الوجه.
وأنا أجمع لك معاني هذا الباب في كلمات سمعتها من شيوخ أهل العلم