للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقلي قد أضاق بكاك ذرعي ... وما ضاقت بنازلة ذراعي (١)

أآلفة النحيب كم افتراق ... أظل فكان داعية اجتماع (٢)

وليست فرحة الأوبات إلا ... لموقوف على ترح الوداع (٣)

تعجب أن رأت جسماً نحيفاً ... كأن المجد يدرك بالصراع (٤)

وهذه كلها أبيات جياد صحيحة الألفاظ والمعاني، وقد عابه ابن عمار وغيره بهذا البيت الأخير.

وحدثني أبو علي محمد بن العلاء السجستاني قال: حدثني أبو [محمد] عبد الله بن قتيبة المؤلف، قال: سمعت علي بن هارون الكاتب النصراني يقول: قلت لأبي تمام:

أنشدني أجود شعر قلته، فأنشدني قصيدته: «خذي عبرات عينك» فلما بلغ إلى قوله: «توجع أن رأت» قلت: يخيل إلي أن هذا غلط منك؛ لأن الصراع ليس من النحافة والجسامة في شيء، ولو قلت: كأن المجد يدرك بحرف في معنى الجسامة كنت قد أصبت.

و «علي بن هارون» هذا، وكل من عاب هذا البيت عندي غالط ولم كان الصراع عنده ليس من النحافة والجسامة في شيء، وهل تجد القوة أبداً إلا في العبالة وغلظ الأرواح؟، وهل الضعف أبداً إلا في الدقة والنحافة؟، وهذا هو الأعم الأكثر، وإلا لم صار الفيل يحمل ما لا يحمل الجمل، والجمل يحمل ما لا يحمل البغل، والبغل يحمل ما لا يحمل الحمار.

<<  <  ج: ص:  >  >>