وكم من يد لليل عندي حميدة ... وللصبح من خطب تذم غوائله
وهذا كله إنما حسن هذا الحسن وقبلته النفوس لأنه اعتمد أن يخبر بالأمر على ما هو، مع حسن عبارته وبراعة نسجه وجودة تلخيصه، ومتخير ألفاظه.
وقد ذهب البحتري مذهباً آخر، وأحسن فيه كل الإحسان، وهو أن شبه الزائر الذي زاره بالخيال؛ لشدة فرحه، وخوفه أن لا يكون له حقيقة.
وقال في قصيدته التي أولها:
* بودي لو يهوى العذول ويعشق (١) *
وزور أتاني طارقاً فحسبته ... خيالاً من آخر الليل يطرق (٢)
أقسم فيه الظن: طوراً مكذباً ... به أنه حق وطوراً أصدق
أخاف وأرجو بطل ظني وصدقه ... فلله شكي حين أرجو وأفرق
وقد ضمنا وشك التلاقي ولفنا ... عناق على أعناقنا ثم ضيق
فلم تر إلا مخبراً عن صبابة ... بشكوى وإلا عبرة تتدفق (٣)
فاحسن بنا والدمع بالدمع واشج ... تمازجه والخد بالخد ملصق (٤)
ومن قبل قبل التشاكي وبعده ... نكاد بها من شدة اللثم نشرق (٥)
فلو فهم الناس التلاقي وحسنه ... لحبب من أجل التلاقي التفرق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute