يضحكن من أسف الشباب المدبر ... يبكين من ضحكات شيب مقمر (١)
وهذا بيت رديء، وما سمعت بضحك من الأسف إلا في هذا البيت، وكأنه أراد قول الآخر:
* وشر الشدائد ما يضحك *
فلم تهتد لمثل هذا الصواب.
وقوله:«من ضحكات شيب مقمر» ليس بالجيد أيضاً، ولو كان ذكر الليل على الاستعارة لحسن أن يقول مقمر؛ لأنه كان يجعل سواد الشعر ليلاً، وبياضه بالمشيب إقماره، لأن قائلاً لو قال: أقمر ليل رأسك، كان من أصح الكلام وأحسنه، وإن لم يذكر الليل أيضاً حتى يقول: قد أقمر عارضاك، أو فؤادك لكان حسناً مستقيماً، وهو دون الأول في الحسن؛ وذلك أنه قد علم أنهما كانا مظلمين فاستنارا (٢)
وسقى الله البحتري الغيث إذ يقول:
ليال سرقناها من الدهر بعد ما ... أضاء بإصباح من الشيب مفرق (٣)