للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو تمام:

يضحكن من أسف الشباب المدبر ... يبكين من ضحكات شيب مقمر (١)

وهذا بيت رديء، وما سمعت بضحك من الأسف إلا في هذا البيت، وكأنه أراد قول الآخر:

* وشر الشدائد ما يضحك *

فلم تهتد لمثل هذا الصواب.

وقوله: «من ضحكات شيب مقمر» ليس بالجيد أيضاً، ولو كان ذكر الليل على الاستعارة لحسن أن يقول مقمر؛ لأنه كان يجعل سواد الشعر ليلاً، وبياضه بالمشيب إقماره، لأن قائلاً لو قال: أقمر ليل رأسك، كان من أصح الكلام وأحسنه، وإن لم يذكر الليل أيضاً حتى يقول: قد أقمر عارضاك، أو فؤادك لكان حسناً مستقيماً، وهو دون الأول في الحسن؛ وذلك أنه قد علم أنهما كانا مظلمين فاستنارا (٢)

وسقى الله البحتري الغيث إذ يقول:

ليال سرقناها من الدهر بعد ما ... أضاء بإصباح من الشيب مفرق (٣)

وإنما أراد أبو تمام قول دعبل:

* ضحك المشيب برأسه فبكى (٤) *

فأفسد المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>