تحسراً وتأسفاً، كلما نظر إليه أعرض عنه إعراض آسف عليه، لا إعراض بغضة وشناءة، فجعل ذلك الإعراض عنه في أوقاته تقطيعاً للنظر إليه.
وقوله:«ما اسود حتى ابيض»، يريد سرعة مشيبه.
وقوله:«كالكرم الذي لم يأن جتى جيء كيما يقطفا»(١) كلام في غاية القبح والغثاثة والبرد (٢)، كأنه جعل مجيء القاطف إلى الكرم الذي لم يدرك ليقطفه كحلول الشيب برأسه قبل أوانه ليفنى عمره.
وقوله:«لما تفرقت الخطوب سوادها ببياضها»، أذى لما اختلفت عليه بالخير والشر فوفت رأسه أي خلطت سواده ببياض الشيب.
وقوله: «ما كان (٣) يخطر قبل ذا في فكرة. . .» بيت لفظه ومعناه في غاية الاضطراب والسخافة (٤).
...
وقال البحتري:
أقول للمتي إذ أسرعت بي ... إلى الشيب اخسري فيه وخيبي (٥)
مخالفة بضرب بعد ضرب ... وما أنا واختلافات الضروب (٦)
وكان جديدها فيها غريباً ... فصار قديمها حق الغريب (٧)