قوله:«فإن كان ذنبي أن أحسن مطلبي أساء» يريد شخوصه إلى مصر؛ لأنها كانت عنده أحسن مطالبه فأخفق فيها، فذمها بأن قال:
وما القفر بالبيد القواء بل التي ... نبت بي وفيها ساكنوها هي القفر
وقوله:«رضيت وهل أرضى» من أغاليطه وإحالاته في المعاني، وإنما كان ينبغي أن يقول:«رضيت وكيف لا أرضى» وقوم يحتجون بأنه (١) قال: رضيت وقد أرضى، على ما فسر به قول الله عز وجل:«هل أتى على الإنسان حين من الدهر» بأن قالوا معناه: قد أتى على الإنسان.
وقد ذهب إلى هذا قوم في «قد» إذا وليت الفعل الماضي، أما وليت المستقبل فإنها تكون بمعنى «ربما» وتخرج عن هذا التأويل.
وأكثر أهل العربية، وجميع أهل اللغة يقولون: المعنى: ألم يأت على الإنسان، بمعنى التقرير والتوبيخ، ويدفعون أن تكون «هل» بمعنى «قد»؛ لأن ذلك لم في كلام العرب.
وقد بينت هذا في الجزء الذي جمعت فيه أغاليط أبي تمام من هذا الكتاب (٢).
وقال:
وحادثات أعاجيب خساً وزكا ... ما الدهر في فعلها إلا أبو العجب (٣)
يملكن قود الكماة المعلمين لها ... ويستقدن لفرسان على القصب (٤)
الخسا: الفرد، والزكا: الزوج، وفرسان القصب: يعني الصبيان.