يقول هذا وهو قد قدم (١) من غيباته إلا أنه جعل نفسه كمن لم يقدم؛ لأنه قدم بالخيبة؛ فلذلك قال بعد هذا:
ما آب من آب لم يظفر بحاجته ... ولم يغب طالب للنجح لم يخب
وهذا تعسف، والخرس أحسن منه.
وقوله:«إن برقت بأوبة» يعني الغيبة، واستعارة البرق لا تحسن إلا باستعارة (٢) السحاب معه، وكان الجيد أن يقول: برقت سحابها بأوبة، لو استقام له.
وقوله:«أدركتني حرفة العرب» معنى ما قاله غيره، ولا جعل أحد العرب محارفين سواه، ودليل عدم حرفتهم ما هو إلا أنهم قهروا الأمم حتى صار الملك فيهم، وهم على تلك العزة الجاهلية إلى هذا الوقت.
وما زال الناس ينكرون هذا المعنى عليه ويعيبونه ولو كان قال:«حرفة الأدب» كان أولى بالصواب، وبما يستعمله الناس، ولأنه أديب غير مدفوع، وليس في القصيدة أيضاً ذكر للأدب.
وقد رواه قوم الأدب إنكاراً لذكر العرب ها هنا، وغيره في عدة من النسخ القديمة، والذي في نسخة أبي سعيد السكري، وأبي العلاء محمد بن العلاء وغيرهما:«العرب».