للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «حتى نسيت المغاربا»، يجوز أن ينساها فلا يذكرها، وأن ينسى أباه فلا يذكره، وليس ماله بروي (١)، لأن غرضه فيه معروف، ولكن قول البحتري أجود.

وقال البحتري:

أشرق أم أغرب يا سعيد ... وأنقص من زماعي أم أزيد (٢)

عدتني عن نصيبين العوادي ... فحظي أبله فيها بليد (٣)

أرى الحرمان أبعده قريب ... بها والنجح أقربه بعيد

تقاذف بي بلاد عن بلاد ... كأني بينها خبر شرود (٤)

قوله: «خبر شرود»، معنى غريب طريف.

وقال:

وإن اغتراب المرء في غير بغية ... يطالبها من حيف دهر يطالبه (٥)

فليس بمعذور إذا رد سربه ... عليه بأن تعيا عليه مذاهبه

ويعطيه مرجو العواقب مسرعاً ... إليه ركوب الأمر تخشى عواقبه

أرجي وما نقع الرجاء إذا التقت ... مناحس أمر مجحف ومعاطبه

ومما يعني النفس كل عنائها ... توقعها الصنع البعيد تقاربه (٦)

وهذا البيت يصلح أن يكون في باب الصبر والقناعة، ومعناه من أتقن المعاني وأحسنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>