للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «شعارها اسمك» يعني الخلافة، والشعار هو العلامة التي تخص الشيء، أخذ من الشعار وهو الثوب يصل شعر الجسد، وقسمة البيت رديئة على مذهبه في الطباق، لأن الشعار طباقه الدثار، واللقب طباقه الاسم، وكان ينبغي أن يقول: إذا اسم حاسدك الأدنى لها دثار، وذلك أن الشعار أخص بالجسد من الدثار، ولو استوى له أن يقوله كان أيضاً في غاية الرداءة، لأن الدثار يعلو على الشعار ويغطيه، وليس بجيد أن يعلو لقب حاسده على اسمه، وإنما يعني هذا الحاسد المعروف بأبي الوزير وكان قد اختص بالواثق، ولطفت منزلته عنده جداً، حتى كان ربما عرض عليه الكتب، وكان عدو محمد بن عبد الملك، فيقول: شعار الخلافة اسمك، لأنك الوزير، وذلك أبو الوزير لقب، فلهذا قال:

وزير حق ووالي شرطة ورحا ... ديوان ملك وشيعي ومحتسب

فجعله الوزير حقاً، وأنه ينظر في الأمور كلها، ليعلم أنها إليه، وأنه القيم بها، وهذا بيت من مدح الوزراء في غاية الركاكة والسخف، وقبح المعاني والألفاظ، ومن الذي يشك في أن الوزير إليه النظر في هذه الأشياء، وكأنه أراد أنه يعانيها بنفسه، من غير واسطة، ليدل على كفاءته.

وجعله «رحا ديوان ملك»، و «الرحا» ها هنا في غاية القبح، وأراد أنه هو الذي يدبر أمور الديوان دون الكتاب، فجعله هو الذي يدور، ولم يقنع حتى جعله رحا، وإنما المستعمل من الاستعارة لمثل هذا المعنى: قطب الرحا لا الرحا، لأن المدار على القطب.

وقد جعل البحتري «رحى» في موضع أشبه بالصواب من هذا الموضع فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>