ترى شخصه وسط الخلافة هضبة ... وخطبته دون الخلافة فيصلا
وما هضبتا رضوى ولا ركن معنق ... ولا الطود من قدس ولا انف يذبلا
بأثقل منه وطأة يوم يغتدي ... فيلقى وراء الملك نحرًا وكلكلا
وهذا جيد بالغ، إلا أن قول البحتري في الرأي «رد الخطب يدمى ويكلم»
أجود من قوله «ألا تجهز جحفلا»، وقوله «هوى الهضب من أركان رضوى الململم» أجود من قوله «بأثقل منه وطأة» وإن كان هذا قد جمع عدة جبال، ولكن قوله «فيلقي وراء الملك نحرًا وكلكلا» حسن جدًا. وقال أبو تمام في محمد بن عبد الملك:
وأنت شهاب في الملمات ثاقب ... وسيف إذا ماهزك الحق قاصل
من البيض لم تنض الأكف كنصله ... ولا حملت مثلا إليه الحمائل
مورث نار والإمام يشبها ... وقائل فصل والخليفة فاعل
وإنك إن صد الزمان بوجهه ... لطلق ومن دون الخلافة باسل
قوله:«مؤرث نار»، بنى البيت على معنى له وجه جيد، ولكن عكسه
أجود وأبلغ وأعرق، وذلك أنه قال:«مؤرث نار والإمام يسبها»، «فمؤرث» موقد، و «يشبها» يرفع لهبها، فجعله مبتدئاً، والخليفة متمماً، وكذلك قوله:«وقائل فصل والخليفة فاعل» وكان الأحسن أن يكون الخليفة المبتديء بتأريث النار وهو الذي يشب،