والخليفة القائل، وهو الذي يفعل؛ لأن القائل هو الآمر، والفاعل هو المأمور، ولكنه بنى الأمر على أن الخليفة يعمل على رأيه، فصار الخليفة مأمورًا عليه، ولو سمع الخليفة لأنكره وعاقب من أجله.
وقال البحتري يخاطب صالحاً مولى المهتدي بالله:
إن الخليفة ليس ينظر بالذي ... طالبت إلا أن تقول فيفعلا
وليس هذا من قول أبي تمام في شيء، إنما استشفع البحتري إلى المهتدي
بصالح، فقال إن الخليفة ينتظر أن يسأله في أمري فيفعل ما يقول، فأبو تمام أطلق القول عموماً في الأمور كلها، وأن وزيره يقول وأن الخليفة يفعل.
وقوله:
وإنك إن صد الزمان بوجهه ... لطلق ومن دون الخلافة باسل
بيت غير جيد القسمة، لأن الصدود بالوجه لا يكون مقابلته طلاقة الوجه، و «الباسل» هو الشديد، والبسالة الشدة، ولذلك قيل للشجاع باسل، فذهب أبو تمام إلى أن الطلاقة في الوجه أن يكون منبسطاً مسفراً، والبسالة الشدة، فجعلها في موضع النقيض كما قال ابن هرمة:
كريم له وجهان وجه لذي الرضا ... أسيل ووجه في الكريهة باسل