وشمل قوله:(بوصوله): ما لو خرج قاصداً مرحلتين ثم عنَّ له أن يقيم بمحل قريب منه، فيترخص ما لم يصله؛ لانعقاد سبب الرخصة في حقه، فلم تنقطع إلا بوصوله ما غيَّر النية إليه.
(وإن كان) المستقل نوى الإقامة بمحل لحاجة، كريح وقافلة ورفقة يريد السفر معهم إن خرجوا، وإلاَّ فوحده.
فإن نوى أن يسافر إلا إن سافروا .. لم يترخص؛ لعدم جزمه بالسفر، وذلك بأن (يتوقع قضاءها) أي: الحاجة (كل وقت) أي: قبل مضي أربعة أيام صحاح (ترخص) بقصر وغيره، ولو غير مقاتل (إلى ثمانية عشر يوماً) بلياليهن غير يومي الدخول والخروج؛ (لأنه صلى الله عليه وسلم أقامها بعد فتح مكة؛ لحرب هوزان، يقصر الصلاة) حسنه الترمذي، وإن ضعفه الجمهور؛ لأن له شواهد تجبره، وصح رواية: عشرين، فحمل على أنه عدَّ يومي الدخول والخروج منها.
واعلم أن للقصر ثمانية شروط:
الأول: السفر الطويل، كما مر.
وشرطه: أن يكون لغرض صحيح، ولم يعدل عن طريق قصير إلى طويل؛ لغرض القصر وحده، بل لنحو أمن أو سهولة، أو تنزه ولو مع القصر، فالتنزه لا يصح كونه غرضاً حاملاً على السفر، ويصح كونه غرضاً حاملاً على العدول من قصير إلى طويل، فإن سافر لغير غرض صحيح، كأن كان لمجرد رؤية البلدان والتنقل فيها .. لم يقصر، ولو كان لمقصده طريقان: طويل وقصير .. فالعبرة بما سلكه منهما.
الثاني: كونه مباحاً، كما مر، فلا يترخص العاصي بسفره، كآبق وناشزة ومدين بغير رضا دائنه إن حل وقدر على وفائه وإن قل وقصر السفر وجرت العادة بالمسامحة في مثله، وغير الدين من الحقوق كالدين .. فلا بد من نحو وفائه، أو أذن من له الحق أو ظن رضاه، والمراد بالمعصية ولو صورة، كسفر صبي بغير أذن أصله، وإن قصد مع المعصية غيرها كسفر بغير إذن دائن للحج، ولو نوى به مباحاً ثم في أثنائه نوى به معصية .. امتنع ترخصه من حينئذٍ، أو عكسه .. ترخص إن بقي من سفره مرحلتان.
وخرج بـ (العاصي بسفره): العاصي في سفره كأن سافر سفراً مباحاً، ثم في أثنائه سرق مثلاً فيترخص، ومن العاصي بسفره من يتعب نفسه أو دابته بالركض من غير غرض يبيح ذلك.