وتسن العمامة للصلاة، ولقصد التجمل؛ للأحاديث الكثيرة فيها، واشتداد ضعف بعضها يجبره كثرة طرقها.
وتحصل السنة بكونها على الرأس، أو على نحو قلنسوة تحتها، وضبطها طولاً وعرضاً بما يليق بلابسها، فإن زاد .. كره، وعليه يحمل إطلاقهم كراهة كبرها.
وتتقيد كيفيتها بعادته أيضاً، فتنخرم مروءة فقيه بلبسه عمامة سوقي لا تليق به، وعكسه، ولو اطردت عادة محل بإزرائها من أصلها .. لم تنخرم بها المروءة؛ لأن وضعها عام، فلم ينظر لعرف يخالفه.
ولا تختل المروءة بلبس قلنسوة بلا عمامة لمن اعتاد ذلك وإن كانتِ العمامة أفضل، ولا يسن تحنيك العمامة.
واختار بعضهم ما عليه كثيرون من سَنِّه؛ وهو: تحديق الرقبة وما تحت الحنك واللحية ببعض العمامة، وجاء في العذبة أحاديث كثيرة صحاح وحِسان، ناصة على فعله صلى الله عليه وسلم لها لنفسه ولجماعة من أصحابه، وعلى أمره بها وتركُه لها في بعض الأحيان إنما يدل على عدم وجوبها أو على عدم تأكد ندبها.
واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم أرسلها بين كتفيه تارة، وعلى جانبه الأيمن أخرى، على إن كلاً منهما سنة، وهذا تصريح بأن أصلها سنة، وإرسالها بين الكتفين أفضل منه على الأيمن؛ لأن حديث الأول أصح، وإرسال الصوفية لها على الجانب الأيسر؛ لكونه جانب القلب، لكونهم لم يبلغهم في ذلك شيء، ولا عذر لهم بعد إن يبلغهم ذلك.
واقل ما ورد في طولها: أربع أصابع، وأكثره: ذراع، وبينهما شبر.
ويحرم إفحاش طولها بقصد الخيلاء، وإلا .. كره.
وبحث الزركشي حرمة التزيي بزي صالح على غير صالح إن غرَّبه غيره؛ ليعطيه مثلاً، وهو ظاهر إن قصده.
وأما حرمة القبول .. فهو من قاعدة: أن من أعطي لصفة ظنت فيه .. لم يجز له قبوله، ولا يملكه إلا إن كان كذلك باطنا.
واعلم: أن الطيلسان سنة في حق من لاق به، وإلا كلبس سوقي طيلسان فقيه .. كره، بل ربما لا يندب له مطلقا، وقد تختل المروءة بتركه، فيكره تركه.