الرجوع أو مع الرجوع، سواء كان العدو مسلماً أم كافراً وإن أمكن المضي بقتال أو بذل مال؛ إذ لا يجب احتمال الظلم، فحينئذٍ يجوز له التحلل بما يأتي؛ لآية (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ)[البقرة:١٩٦]، أي: وأردتم التحلل؛ إذ مجرد الإحصار لا يوجب هدياً.
نعم؛ الأولى الصبر لمن رجا زوال حصره قبل فوات الوقت، بل لو ظن زواله قبل فوات الحج وقبل مضي ثلاثة أيام في العمرة .. امتنع تحلله.
أمَّا إذا أحصر من بعض الطرق فقط .. فيجب سلوك التي لم يحصر منها ولو بحراً غلبت سلامته ووجدت شروط الاستطاعة فيه وإن علم الفوات؛ لأن سبب التحلل الحصر ولم يوجد.
فإذا وصل وقد فات .. تحلَّلَ بما يأتي في الفوات.
وأمَّا إذا خشي فوات الحج لو صبر .. فالأولى التحلل؛ لئلا يدخل في ورطة لزوم القضاء.
وبما قررناه علم: أن التحلل يكون تارةً ممتنعاً، وتارة تركه أولى، وتارة تركه مباحاً، وهو الأصل فيه.
أمَّا المحصر عن الواجبات كمبيت ورمي .. فلا يتحلل لها، ويجبرها بدم كم قاله (حج) و (م ر).
وقال الزيادي وغيره: يسقط دم المبيت بالحصر.
السادس: الحصر الخاص بنحو حبس ظلماً، أو بدين وهو معسر، فله التحلل به، أمَّا حبسه بحق .. فلا يتحلل به.
وإذا أراد الفرع والزوجة والمدين التحلل .. فليتحللوا (هم والمحصر) بقسميه (عن الحج، و) كذا عن (العمرة بذبح ما يجزئ في الأضحية) من شاة أو سبع بدنة أو بقرة وإن شرط التحلل بلا دم؛ للآية السابقة.
وفارق ما يأتي في نحو المرض بأنَّ هذا لا يتوقف على شرط، فلم يؤثر فيه الشرط، بخلاف نحو المرض فإنه لا يبيح التحلل، وإنما يبيحه شرطه به، فلذا توقف التحلل به عليه، وكان على حسب ما شرطه من الدم وعدمه، ويتعين ذبح ذلك ككل ما لزمه من الدماء والإطعام وما معه من هدي تطوّع، حيث أحصر ولو في الحل، وإن تمكن من طرف الحرم.