نعم؛ يسن بعثه إلى ما يقدر عليه من مكة أو الحرم، وواضح أنه لا يحل حتى يغلب على ظنه ذبحه ثمَّ بخبر من يقع في قلبه صدقه، لا مجرد طول الزمن؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم ذبح هو وأصحابه بالحديبية.
ويفرقه على مساكين ذلك المحل ثم مساكين أقرب محل إليه؛ لأنه صار في حقه كالحرم، ومن ثم حَرُم نقله من حل إلى حل لا حَرَم.
قال الكردي:(المراد بمحل الإحصار: المحل الذي يمتنع القصر فيه لو كان مقيماً، ولو ذبحه بمحل لا فقراء به .. جاز النقل، ومتى أمكن الذبح فيه ونقل لحمه إليهم بلا تغير .. تعين، وإلا .. نقله إليهم حياً، ولو أحضره في طرف الحرم .. لم يجز له ذلك في الحل، فإن ذبح ظاناً وجود الفقراء فتبين فقدهم، أو عدموا بعد الذبح .. لم ينقل، وتحلل وتصرف في اللحم عند خوف فساده، ويبقى في ذمته إلى وجود المستحقين، فيفرق لحماً بلا ذبح، ولا يكفيه تفرقته قديداً، ولو ذبح عالماً بالفقد .. لم يجزه الذبح) اهـ
(ثم) بعد الذبح (الحلق) أي: إزالة ثلاث شعرات فأكثر على ما مر (مع اقتران نية التحلل بهما)؛ لأنهما يكونان لغير تحلل، فاحتاجا لنية مقارنة لهما تخصصهما به.
وإنما اشترط الترتيب هنا بخلافه في تحلل الحج؛ لأن زمن الحج يطول، فوسع فيه بأن جعل له تحللان، وبعدم الترتيب بخلافه هنا، فليس له إلا تحلل واحد، فاشترط الترتيب؛ لعدم المشقة فيه كالعمرة.
(ومن عجز عن الذبح) بالطريق السابق في دم التمتع ( .. أطعم) مع الحلق والنية حيث عذر؛ لأنه أقرب إلى الحيوان من الصوم؛ لكونهما مالاً (بقيمة الشاة) طعاماً.
(فإن عجز) عن الإطعام ( .. صام بعدد الأمداد) والمنكسر، ولا يتعين للصوم محل، ولا يتوقف عليه التحلل، بخلاف الذبح والإطعام كما مر.
(والرقيق) إنما (يتحلل بالنية مع الحلق فقط).
قال في "الإيضاح": (وكل دم لزمه -أي: القن- لمحذور أو تمتع أو قران أو فوات أو إحصار لا يجب على سيده منه شيء، سواء أحرم بإذنه أم لا، وواجبه الصوم، وللسيد