للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ، عَلَى التَّوْحِيدِ، فَمَنْ وَحَّدَ اجتزأ بالواحد عن الجمع، لأن الصلاة، هاهنا، بِمَعْنَى الدُّعَاءِ، وَالتَّقْدِيرُ فِي قَوْلِهِ: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} أَيِ:

ادْعُ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ دُعَاءَكَ يُسْكِنُ قُلُوبَهُمْ قَالَ الشَّاعِرُ:

وَصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمَ

وَالصَّلَاةُ مِنَ اللَّهِ: الْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَخْلُوقِينَ: الِاسْتِغْفَارُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}. وَالصَّلَاةُ: بَيْتُ النَّصَارَى، قَالَ الشَّاعِرُ:

اتَّقِ اللَّهَ والصلاة فدعها ... إن في الصوم والصلاة فسادا

وَالصَّلَاةُ: مَغْرَزُ عُجْبِ الذَّنْبِ، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلفْرَسِ إِذَا جَاءَ بَعْدَ السَّابِقِ: الْمُصَلِّي، لِأَنَّ رَأْسَهُ عِنْدَ صَلَا السَّابِقِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَالصَّلَاةُ: الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلُفًا مِنَ اللَّيْلِ} الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَقَولُهُ تَعَالَى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أَيْ: زَوَالِهَا، قَالَ الرَّاجِزُ:

وَاضِحَةُ الْغُرَّةِ غَرَّاءُ الضَّحِكْ ... تَبَلُّجَ الزَّهْرَاءِ فِي قَرْنِ الدَّلَكِ

فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فَقِيلَ: الْعَصْرُ، وَقِيلَ: الظُّهْرُ، وَقِيلَ:

الْغَدَاةُ، وَقِيلَ الْمَغْرِبُ، وَقِيلَ الصَّلَاةُ: كُلُّ الصَّلَوَاتِ، وَالِاخْتِيَارُ أَنْ تَكُونَ الْعَصْرَ لِعَشْرِ حُجَجٍ ذَكَرْنَاهَا فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ}.

قَرَأَ نَافِعٌ وَحْدَهُ: «قُرُبَةٌ لَهُمْ» بِضَمَّتَيْنِ مِثْلَ الرُّعُبِ وَالسُّحُبِ وَأَكْثَرُ مَا تَأْتِي الضَّمَّتَانِ فِيمَا لَا هَاءَ فِيهِ نَحْوَ قَوْلِ الْعَرَبِ وَاللَّهِ لِأُوجِعَنَّ قُرُبَتَكَ يَعْنِي: الْخَاصِرَتَيْنِ، وَيُقَالُ لَهَا:

الْقُرْبُ وَالْأُطْلُ وَالْكَشْحُ وَالْخَاصِرَةُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالْأَيْطَلُ وَالْخَوْشَانُ وَالنَّاطِفَةُ أَيْضًا.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «قُرْبَةٌ» خَفِيفَةٌ «وَهُوَ الِاخْتِيَارُ مِثْلُ: غُرْفَةٍ وَجُرْعَةٍ تَقُولُ الْعَرَبُ:

قَرُبْتُ مِنْكَ قُرْبًا وَمَا قَرُبْتُكَ قُرْبَانًا وَقَرُبْتُ الْمَاءَ قُرْبًا.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِالْهَمْزِ. وَالْبَاقُونَ بِتَرْكِ الهمز.

<<  <   >  >>