للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة القارعة]

روى أَبُو حاتم، عنْ أَبِي عَمْرو أَنَّهُ أمال «القَارِعَةُ»، وهذا ليس بالجيِّد عند النحويين؛ لأنَّ القاف من الحروف الموانع.

قَالَ المُبَرِّدُ: ويجوز الِإمالة من أجل الرَّاءِ، والِإمالة فِيْ قاسم خطأ، وفي قادر، والقارعة صوابٌ من أجل الراءِ، وأَنْشَدَ:

عَسَى اللهُ يُغْنِي عنْ بِلَادِ ابنِ قَادِرٍ

والقارعة: القيامة؛ لأنَّها تقرع القلوب، ثُمَّ فسرها اللَّه تَعَالى وتعجَّبَ من عظم ذَلِكَ اليوم، فَقَالَ: {وما أدراكَ مَا القَارِعَةُ يوم يكونُ النَّاسُ كالفَرَاشِ المَبْثُوْثِ}، أي: المتفرقة، وهي جمع الفراشة التي تسقط‍ فِيْ السِّراج. ومن ذَلِكَ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يحملكم أن تتتابعوا عَلَى الكذب كما يتتابع الفَراشُ فِيْ النَّار»، والتتابع لا يكون إلا فِيْ الشّرِّ.

{وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ}، أي: كالصُّوف. وفي قراءة عبدِ اللَّه «كالصُّوفِ المَنْقُوْشِ».

وقولُه تَعَالى: «وَمَا أَدْراك ما هِيَهْ».

قَرَأَ حمزةُ وحده: «ما هِيَ» بحذف الهاء إِذَا أدرج وبإثباتها إِذَا وقَفَ؛ لأنّ هَذِهِ الهاء هاء سكت، ولا يلحقها، ولا يحلقها إعرابٌ، وَقَدْ أنبأت عنْ علة ذَلِكَ فيما سلف، وإنما أعدتُ ذكره؛ لأن ابْنُ مُجاهد أخبرني، قَالَ: قَالَ نصر بْن عاصم: سَمِعْتُ أبا عَمْرو، يَقُولُ: «ما هيه» يقف عندها، وكل هاء للتأنيث تصير فِيْ الدَّرج تاءً إلا هَذِهِ. فأمَّا قولُ الشَّاعِرِ:

حاملةً دَلْوُكِ لا مَحْمُوْلَهْ ... مَلْأى مِنَ المَاءِ كَعَيْنِ المُوْلَهْ

فإن الشاعر بناه على الوقف، وهي هاء التأنيث، ولو بناه عَلَى الِإدراج لقال:

محمولةً، والمولِة: العنكبوت.

<<  <   >  >>