للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة ألم نشرح]

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: {أَلَمْ نَشْرَحْ} هَذِهِ الألف ألف تقرير بلفظ‍ الاستفهام تأويله: ألم نمسح صدرك يا مُحَمَّد بالنور الَّذِي جعلته فِيهِ، نور الْإِيمَان والرحمة والهداية كقولُه تَعَالى: {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ} فَقَالَ عَبْدُ اللَّه بْن مَسْعُود: «يا رَسُول اللَّه أَوَ يشرح الصَّدر؟ قَالَ: نعم بنورٍ يُدخله اللَّه فِيهِ. فَقَالَ: وما أمارة ذَلِكَ؟ قَالَ: التّجافي عنْ دار الغُرور، والِإنابة إلى دار القرار، والاستعداد للموت قبل الموت ومات أربعمائة رَجُل من أصحاب النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلام من أصحاب الصُّفة مسلمين إِذَا تصدقوا عليهم أكلوا وتصدقوا بفضل عَلَى المشركين. وكانُوا يأوون بمدينة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ مسجده، ولم يكن لهم بالمدينة قبيلة ولا عشيرة فخرجوا في غزوة من الغزوات فقتل منهم سبعون رجلًا، فشق ذَلِكَ عَلَى النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلام وعلى أصحابه، فكانوا يدعون عليهم فِيْ دبر كلِّ صلاة، فأنزل اللَّه قولُه: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} وأنزلَ اللَّه تَعَالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدرَكَ} بالتَّوحيد. وقول: لا إله إلا اللَّه {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} يعني حططنا عنك ذنبك {الَّذِي أنْقَضَ ظَهْرَكَ} أي: أثقل، يعني تَعَالى قولُه: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تقدم من ذنبك وما تأخر}، {ورفعنا لك ذكرك} إذ قَالَ المؤذن أشهدَ أن لا إله إلّا اللَّه، قَالَ: أَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه.

حَدَّثَنِي أَبُو الَأزرق، قَالَ: حَدَّثَنِي حميد بْن الرّبيع، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، عنْ ابْنُ أَبِي نجيح، عنْ مجاهد فِيْ قولُه تَعَالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قَالَ: لا أُذكر إلا ذكرتَ معي أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه.

وقولُه تَعَالى: {إن مع العسر يسرا}.

اتفق الفراء السَّبعةُ عَلَى تسكين السِّين، وإنَّما ذكرته لأنَّ أبا جَعْفَر المَدَنِيّ ويَحيى بْن وثاب قرءا: «مع العسر يسرا» بضمتين في كل الحرفين. وقال ابْنُ عَبَّاس: لا يَغْلِبُ يسرين عسرٌ واحدٌ، فأنبا أن هاهنا يُسرين اثنين، وعسرًا واحدًا، وإن كانت فِيْ اللَّفظ‍ أربعةٌ، ومعنى ذَلِكَ فِيْ العربية وتقديره: أن العرب إِذَا ذكرت اسمَ المنكورِ ثُمَّ أعادته بالألف واللام كقولك: كسبت درهما وأنفقت الدِّرهم الَّذِي كسبته. فلو كَانَ اليسر

<<  <   >  >>