للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة «واللَّيْلِ»

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: أقسم اللَّه تَعَالى باللَّيل إِذَا غشى ظلمته ضوء النهار وب‍ {والنهار إِذَا تَجَلَّى} عنْ ظلمة اللَّيل، {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} فِيْ حرف عَبْدِ اللَّه: «الَّذِي خَلَقَ الذَّكر والُأنثى» لأنَّ ما بمعنى الَّذِي، وقيل: ما بمعنى مَنْ، وقيل: ما مَعَ الفعل مصدر والتقدير: وخلقه الذَّكر والُأنثى. وجوابُ القَسَم {إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}.

- وقولُه تَعَالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى}.

قَرَأَ ابنُ كَثيرٍ فِيْ روايةِ البَزِّي: «نَارًا تَّلَظَّى» بتشديد التاء، يريد: تتلظى، فأدغم.

وَقَدْ روى عنْ عَبْد اللَّه بْن عمير: «نَارًا تَتَلَظَّى» بتاءين.

حَدَّثَنَا ابنُ مجاهدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن رحمة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدِ اللَّه، عنْ سُفْيَان بْن عيينة، عنْ عَمْرو بْن دينار، قَالَ: رَأَيْت عَبْد اللَّه بْن عمير يقرأ فِيْ المغرب «فَأَنْذَرْتُكُمْ نارًا تَّلَظَّى» بالتَّشديد. قَالَ: وحرك رأسه ولحيته، وروى الفَرَّاءُ عنْ ابْنُ عُيينة عنْ عَمْرِو، عنْ عَبْد الملك: «تَتَلَظَّى» بتاءين، وكلٌّ صوابٌ بحمدِ اللَّه.

وقرأ الباقون: «تَلَظَّى» بتاءٍ واحدةٍ مخففة، وأسقطوا تاء تخفيفًا، وجميع ما فِيْ كتاب اللَّه تَعَالى من التاءات اللواتي شدَّدها ابْنُ كَثِيْر - فِيْ رواية البزي - أحدٌ وثلاثون حرفًا قَدْ ذكرتُها كلها فقوله: {فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى} وَقَدْ علمنا أن النار قَدْ يصلاها من كَانَ بغير هَذِهِ الصفة فمعنى ذَلِكَ أن النار دركات وطبقات، فيجازون عَلَى قدر ذنوبهم، كقولُه تَعَالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} فكذلك لا يصلى هَذِهِ النار التي تتلظى إلا الأشقى الَّذِي كذب وتولى.

وقال آخرون: بل جميع من دخل النار بذنوبه فهو يصلي هَذِهِ النار. نعوذ بالله من جهنَّم، ومن عمل يقرب من النار، ونسأله عملا يدني من الجنة ويزلف لديه إنه سميع الدعاء.

<<  <   >  >>