للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَمِنَ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا

الرَّعْدُ

- قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ}.

قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِالتَّشْدِيدِ «يُغْشِي» إِلَّا حَفْصًا.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «يُغْشِي» وَقَدْ ذَكَرْتُ عِلَّةَ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ صِنْوَانٍ وَغَيْرِ صِنْوَانٍ} مَرْفُوعًا كُلُّهَا عَلَى مَعْنًى، وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ يَعْنِي: طِينَةً وسَبَخَةً، وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَفِيهَا زَرْعٌ، لِأَنَّ الْجَنَّاتِ تَكُونُ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَلَا تَكُونُ مِنْ زَرْعٍ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ صِنْوَانٍ وَغَيْرِ صِنْوَانٍ» بِالْجَرِّ كُلِّهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الزَّرْعَ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَ النَّخِيلِ والأعناب خفضوا لِلْمُجَاوَرَةِ وَالتَّقْدِيرُ: جَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَمِنْ زَرْعٍ وَمِنْ نَخِيلٍ.

وَفِيهَا جَوَابٌ آخَرُ: وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي كُلَّ نَجْمٍ وَشَجَرٍ زَرْعًا فَيَقُولُونَ عِنْدَ الْجَدْبِ وَقَحْطِ‍ الْمَطَرِ: هَلَكَ الزَّرْعُ وَالضَّرْعُ فَيَذْهَبُونَ بِالزَّرْعِ إِلَى كُلِّ مَا يَنْبُتُ، وَبِالضَّرْعِ إِلَى كُلِّ مَا يُحْلَبُ.

وَاتَّفَقَ الْقُرَّاءُ عَلَى كَسْرِ الصَّادِ مِنْ «صِنْوَانٍ»، لِأَنَّهُ جَمْعُ صِنْوٍ وَالتَّثْنِيَةُ: صِنَوْانٌ وَالْجَمْعُ صِنْوَانٌ، وَمِثْلُهُ قِنْوٌ وَقِنْوَانٌ، قَالَ الْكُمَيْتُ:

وَلَنْ أَعْزِلَ الْعَبَّاسَ صِنْوَ نَبِيِّنَا ... وَصِنْوَانُهُ مِمَّنْ أَعُدُّ وَأَنْدُبُ

إِلَّا مَا حَدَّثَنِي أحمد بن عبدان عن علي عن أبي عُبَيْدٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ قَرَأَ: «صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صُنْوَانٍ» بِضَمِّ الصَّادِ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَرَأَ بِهِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَدْ قَرَأَ بِهِ عَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ حَفْصٍ وَهُمَا لُغَتَانِ.

وَفِيهَا لُغَةٌ ثَالِثَةٌ: صُنْيَانٌ وَقُنْيَانٌ بِالْيَاءِ وَضَمِّ أَوَّلِهِ، حَكَى ذَلِكَ الْفَرَّاءُ فَالصُّنْوَانُ:

نَخْلَاتٌ يَتَفَرَّعْنَ عَنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ مِنْ قَوْلِهِمُ: الْعَمُّ صِنْوُ الْأَبِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ إِحْدَى نَفَاذِ قُدْرَةِ اللَّهِ وَوَحْدَانِيَتِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَوْ كَانَتْ إِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ تُرْبَتُهَا وَسُقِيَ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَجَبَ أَنْ لَا تَخْتَلِفَ طُعُومُهَا، وَقَدْ فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأَكْلِ أَيْ: فِي الثَّمَرِ

<<  <   >  >>