للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن السورة التي تذكر فيها

المائدة

- وقوله تعالى: {ولا يجرمنكم شنآن قوم}.

قرأ ابن عامر فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ «شَنْئَانُ» بِإِسْكَانِ النُّونِ، وَأَنْشَدَ:

فَأَمْسَى كَعْبُهَا كَعْبًا وَكَانَتْ ... مِنَ الشَّنْآنِ قَدْ دُعِيَتْ كِعَابَا

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «شَنَآنُ» مُحَرَّكًا، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ، لِأَنَّ الْمَصَادِرَ مِمَّا أَوَّلُهُ مَفْتُوحٌ جاء محركا نحو الغيان، وَالنَّزَوَانِ، وَالْهَمَلَانِ، وَالْإِسْكَانُ قَلِيلٌ، وَإِنَّمَا يَجِيءُ الْمُسْكَنُ فِي الْمَضْمُومِ وَالْمَكْسُورِ.

وَقَالَ آخَرُونَ الشَّنْآنُ، بِالْإِسْكَانِ، الِاسْمُ، وَالشَّنَآنُ بِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا يَحْمِلَنَّكُمْ بَغْضَاءُ قَوْمٍ وَبُغْضُ قَوْمٍ أَنْ تَعْتَدُوا، وَتَقُولُ الْعَرَبُ: شَنَأْتُهُ أَشْنُؤُهُ شَنَأً وَشِنْأً، وَشُنْأً، وَشُنْآنًا، وَشَنَأَنًا، وَشَنَانًا بِغَيْرِ هَمْزَةٍ، وَيُنْشِدُ:

وَمَا الْعَيْشُ إِلَّا مَا تَلَذُّ وَتَشْتَهِي ... وَإِنْ لَامَ فِيهِ ذو الشنان وفندا

واجتمعت القراء على «يَجْرِمَنَّكُمْ» بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ جَرَمَ: إِذَا كَسَبَ، يُقَالُ: فُلَانٌ جَرِيمَةُ قَوْمِهِ، أَيْ: كَاسِبُهُمْ إِلَّا الأعمش، ويحيى فإنهما قرءا «وَلَا يُجْرِمَنَّكُمْ» بِضَمِّ الْيَاءِ جَعَلُوهُ لُغَتَيْنِ: جَرَمَ وَأَجْرَمَ، وَالِاخْتِيَارُ جَرَمَ، أَيْ: كَسَبَ، وَأَجَازَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:

أَكْسَبَ، وَهُوَ شَاذٌّ.

- وقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو «إِنْ صَدُّوكُمْ» بِالْكَسْرِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ.

فَمَنْ كَسَرَ جَعَلَهُ شَرْطًا، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ فِي مُصَحْفِ عَبْدِ اللَّهِ: «إِنْ يَصُدُّوكُمْ» وَالِاخْتِيَارُ الْفَتْحُ، لِأَنَّ الصُّدُودَ وَقَعَ مِنَ الْكُفَّارِ، وَالْمَائِدَةُ آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالتَّقْدِيرُ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمْ بُغْضُ قَوْمٍ أَنْ تَعْتَدُوا لِأَنْ صَدُّوكُمْ، وَهَذَا بَيِّنٌ جِدًّا.

- وَقَولُهُ تَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}.

قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو عَمْرٍو، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ «وَأَرْجُلِكُمْ» بِالْكَسْرِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِالْفَتْحِ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَالنَّحْوِيُّونَ فِي تأويل هذه

<<  <   >  >>