للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[من سورة الشعراء]

قولُه تَعَالى: {طَسَم}.

قرأ حمزة والكِسَائِيُّ وَأَبُو بكرٍ، عَنْ عاصمٍ بالإِدغام.

وقرأ الباقون: «طسم» بالتَّفخيم، عَلَى أن أهل المدينة أعنى نافعًا يقرأ بينَ بينَ، وكلُّ ذَلِكَ صوابٌ، وقد ذكرته فيما سَلَفَ، والسِّينُ خفيفة والميم مشددة، لأنك قد أدغمت فيه نونًا، والأصلُ ط‍ سين ميم قرأها حمزةُ بإظهار النُّون عند الميم.

والباقون يدغمون مثل {عمَّ يَتَساءَلُونَ}.

فإن سَأَلَ سائلٌ فَقَالَ: إنَّ النونَ لا تظهرُ إلا عند حروف الحلق فلمَ أظهر حمزةُ عند الميمِ، أنت لا تَقُولُ: «مِنْ دُوْنِهِ مِنْ وَاْلٍ» ولا «عَن ما يَتَساءَلُون»؟

فالجَوابُ فِيْ ذَلِكَ: أن حروفَ التَّهجي بنيت عَلَى التقطيع، والتهجي قطعُ الحروف بعضها من بعضٍ، وإذا نطق الإنسانُ ثُمَّ وَقَفَ عندَ كلِّ حرفٍ نحو: ط‍ هـ‍، وألف لام وط‍ سين. قَالَ أَبُو النَّجمِ:

أَقْبَلْتُ من عندِ زَيادٍ كالخَرِفْ ... تَخُطُّ‍ رِجْلَايَ بخط‍ مختلف

تكتبان في الطريق لام ألف

فهذا حُجَّةٌ لحمزة.

ومعنى طسم: أنَّ كلَّ حرفٍ اسمٌ من أسماءِ الله الحُسنى فالطاءُ من الطّيب، والسينُ من السّيد، والميمُ من المَلِك.

وقولُه تَعالى: {وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ}.

روى عُبَيْدٌ عَنْ أبي عَمْروٍ: «عُمْرِكَ» خفيفًا.

وقرأ الباقون: «مِنْ عُمُرِكَ سِنِيْنَ» بضمَّتين، وفيه ثلاثُ لغاتٍ: أطالَ عُمْرَكَ وعُمُرَكَ وعَمْرَكَ، والعمر أيضا القرط‍. والعمر - أيضا -: واحد عمرو الإنسان، وهو اللَّحم الذي بين كلِّ سنَّين، فأمَّا قولُهم فِيْ القسم «لَعَمْرُكَ لأَقُوْمَنَّ» معناه: وبقاؤك وحيَاتك. ولم يُستعمل الضَمّ فيه، غير أنَّ من العربِ من يَقلب فيقول: رَعَمْلُكَ لأقومن يريدُ: لَعَمْرُكَ، كَمَا يُقال: جَبَذَ وجَذَبَ، وبَضَّ وضَبَّ، وما أطيَبَهُ وأيْطَبَهُ. وحكى

<<  <   >  >>