وقرأ الباقون:«طسم» بالتَّفخيم، عَلَى أن أهل المدينة أعنى نافعًا يقرأ بينَ بينَ، وكلُّ ذَلِكَ صوابٌ، وقد ذكرته فيما سَلَفَ، والسِّينُ خفيفة والميم مشددة، لأنك قد أدغمت فيه نونًا، والأصلُ ط سين ميم قرأها حمزةُ بإظهار النُّون عند الميم.
والباقون يدغمون مثل {عمَّ يَتَساءَلُونَ}.
فإن سَأَلَ سائلٌ فَقَالَ: إنَّ النونَ لا تظهرُ إلا عند حروف الحلق فلمَ أظهر حمزةُ عند الميمِ، أنت لا تَقُولُ:«مِنْ دُوْنِهِ مِنْ وَاْلٍ» ولا «عَن ما يَتَساءَلُون»؟
فالجَوابُ فِيْ ذَلِكَ: أن حروفَ التَّهجي بنيت عَلَى التقطيع، والتهجي قطعُ الحروف بعضها من بعضٍ، وإذا نطق الإنسانُ ثُمَّ وَقَفَ عندَ كلِّ حرفٍ نحو: ط هـ، وألف لام وط سين. قَالَ أَبُو النَّجمِ:
أَقْبَلْتُ من عندِ زَيادٍ كالخَرِفْ ... تَخُطُّ رِجْلَايَ بخط مختلف
تكتبان في الطريق لام ألف
فهذا حُجَّةٌ لحمزة.
ومعنى طسم: أنَّ كلَّ حرفٍ اسمٌ من أسماءِ الله الحُسنى فالطاءُ من الطّيب، والسينُ من السّيد، والميمُ من المَلِك.
وقرأ الباقون:«مِنْ عُمُرِكَ سِنِيْنَ» بضمَّتين، وفيه ثلاثُ لغاتٍ: أطالَ عُمْرَكَ وعُمُرَكَ وعَمْرَكَ، والعمر أيضا القرط. والعمر - أيضا -: واحد عمرو الإنسان، وهو اللَّحم الذي بين كلِّ سنَّين، فأمَّا قولُهم فِيْ القسم «لَعَمْرُكَ لأَقُوْمَنَّ» معناه: وبقاؤك وحيَاتك. ولم يُستعمل الضَمّ فيه، غير أنَّ من العربِ من يَقلب فيقول: رَعَمْلُكَ لأقومن يريدُ: لَعَمْرُكَ، كَمَا يُقال: جَبَذَ وجَذَبَ، وبَضَّ وضَبَّ، وما أطيَبَهُ وأيْطَبَهُ. وحكى