للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والباقون: «فِيْهِ مُهَانًا» يختلسون كسرة الهاء وقد ذكرتُ علة ذَلِكَ فِيْ أول البقرة.

وقولُه تَعَالى: {مِن أَزْواجِنَا وَذُرِّيَاتِنَا}.

قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وابنُ عامرٍ وحفصٌ عَنْ عاصمٍ: «وُذُرِّيَاتِنَا» جماعًا.

وقرأ الباقون: «ذُرِّيَتِنَا» واحدة.

فمَن جَمَعَ قَالَ: الجَمْعُ للأزواجِ. ومن وحّد قَالَ: الذُّرية فِيْ معنى جمع. والزَّوجُ الواحد، فردَّ إلى قولِ الله تَعَالى: {ذُرِّيَةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ}.

وقولُه تَعَالى: {قُرَّةَ أَعْيُنٍ}.

كلُّ ما تقرُّ بِهِ عينُ الإنسان، ومعنى ذَلِكَ: أن الرَّجُلَ إِذَا فَرِحَ بالشَّيءِ خَرَجَ من عينه ماءٌ بارِدٌ، وهو القَرُّ، وإذا أُغتَمَّ وبَكَى خَرَجَ من عَينِهِ ماءٌ ساخِنٌ فيقال: «سخَّن الله عينه»: إِذَا دعوا عَلَيْهِ «وسخنت عينه» وإذا دَعوا لَهُ «أقرَّ الله عينه» و «قرَّتْ عَيْنُهُ» ويقال: معنى أقرَّ الله عَيْنُهُ: أي غَنمَ، لأنَّ قرةَ العينِ: ناقةٌ تُنحر قَبْلَ المَقْسَمِ وقيل: أَقَّرَ الله عينه أي: بَلَّغَهُ اللهُ مُراده حتَّى تقر عينه فلا تَطمح إلى شيءٍ وتستقرّ.

وقولُه تَعَالى: {وَيُلَقَّونَ فِيْهَا}.

قرأ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وحفصٌ عَنْ عاصمٍ وابنُ عامرٍ «ويُلَقَّونَ» مشدَّدًا.

وقرأ الباقون مخفَّفًا: «يَلْقَوْنَ» بفتح الياءِ، فمن شدَّد - وهو الاختيار - قَالَ:

يُلَّقَون فِيْ الجَنّة التَّحية والسَّلام مرةً بعدَ مرةٍ فالتشديد للتَّكثير، وشاهدهم قولُه تَعَالى:

{وَلقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوْرًا} والنَّضْرَةُ عند أهل اللُّغةِ: الحُسنُ والبَهاءُ وإشراقُ الوجهِ من الفَرَحِ، كَمَا قَالَ: {وُجُوْهٌ يَوْمَئذٍِ نَّاضِرَةٌ إلى ربِّها نَاظِرَةٌ}. والعربُ تقولُ: كلُّ لونٍ إِذَا حسن: ناضر، فيقال: أخضر ناضر، وأصفر ناضرٌ، وأبيضُ ناضرٌ، والنُّضَارُ:

الذَّهَبُ. فأمَّا المُفَسِّرُوُن فَقَالُوا: «النّضرة»: مَلَكٌ إِذَا نُشِرَ المُؤْمِنُ يومَ القيامة من قَبره استَقبله النّضرةُ فِيْ أَحْسَنِ صورةٍ وبشَّره بالجَنَّةِ.

<<  <   >  >>