للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة المزمل]

قولُه تَعَالى: {أشدُّ وَطْئًا}.

قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وابنُ عامرٍ: «وِطَاءً» بكسرِ الواو على فعال جعلاه مصدرا لواطأ يواطئ مواطأة ووطاء، ومعناه: يواطئ السّمع والقَلب؛ لأنَّ الصلاة باللَّيل وإن كانت أشدُّ عَلَى المؤمن من صلاةِ النَّهار، وما يغشاه من النُّعاس فهو أقومُ قيلًا.

وقرأ الباقون: «وَطًا» عَلَى فعل بفتح الواو.

وروى الوَقَّاصِيّ، عنْ الزُّهْرِيّ: «أشدُّ وِطْأً» بكسر الواو وإسكان الطاء من غيرِ مدّ.

حَدَّثَنِي ابْنُ مجاهدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصر، عنْ أَبِيهِ، عنْ هارون، قَالَ: حَدَّثَنَا يونس، عنْ ابْنُ مُليكة {ناشِئَةَ اللَّيْلِ} قَالَ: بعد عشاءِ الآخرةِ وقيل: «ناشئةَ اللَّيل» من أولها إلى آخرها وقيل: من أول اللَّيل، وقيل: ساعةً من اللَّيل. والاختيار أن الناشئة: ما أحياه المُصَلِّى من بعد نومه {إنَّ لَكَ فِيْ النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيْلًا} أي: ما تَقضي حوائجك.

وقرأ يَحيى بْن يَعمر: «سَبْخًا» بالخاء، وكذلك الضَّحاك. ومعنى السَّبخ:

التَّوْسِعَةُ، يُقال: سَبَّخْتُ القُطْنَ: إِذَا وسَّعته للنَّدف. وَيُقَالُ لما يَتَطايرُ من القُطنِ عندَ الندف: سبائخ وأَنشدَ:

فَأَرْسَلُوْهُنَّ يَذْرَيْنَ التُّرابَ كَمَا ... يُذْرِيْ سَبَائِخَ قُطْنٍ نَدْفَ أَوْتَارِ

وقال اللَّحْيَانِيُّ فِيْ نَوَادِرِهِ «إنَّ لَكَ فِيْ النَّهَارِ سَبْخًا» أي: نومًا، وسَبْحًا بالحاء أي: راحةً.

وقال آخرون: هما بمعنًى. ومن قَرَأَ: «وطأ» فمعناه أشدُّ مكابرةً من ذَلِكَ قولُ رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهم أُشدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَر».

فإن سَأَلَ سائلٌ فَقَالَ: ما معنى {إنَّا سَنُلْقِيْ عَلَيْكَ قَولًا ثَقِيلًا}؟

فقلُ: معناه: ثقيلًا فِيْ الَأجر ليس بخفيفٍ، ولا سفساف.

وهذه السُّورة من أوائل ما نَزَل عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم. وكذلك أنَّ الناموس الَأكبر يعني جبريل عَلَيْهِ السَّلام لما لقي رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: {اقْرَأْ

<<  <   >  >>