للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة الصافات]

قرأ أَبُو عَمْرٍو وحمزةُ: «وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا» «وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا» مدغمًا كلُّ ذَلِكَ لقُربِ التَّاء من الصَّاد والزَّاي والذَّال.

وقرأ الباقون بالإظهار؛ لأنَّ التاء قبلها حرفٌ ساكنٌ، وهو الألفُ، ولأنَّ التَّاءَ متحركةٌ لا ساكنةٌ نحو: «قَالَتْ طَّائفَةٌ» ألا تَرى أنَّها لما تَحرَّكت كان الاختيارُ الإظهارَ نحو: «بَيَّتَ طَائِفَةٌ» عَلَى أنَّ أبا عَمْرو وحمزةَ قد أدغما، وجُرّت ذَلِكَ بواو القسم والنسق، وجواب القسم: «إن إلهكم لَوَاحِدٌ» والتَّقدير: وَرَبِّ الصَّافات ورب هذه المذكورات: «إن إلهكم لَوَاحِدٌ» والصَّافات: الملائكة؛ لأنّها مصطفة بين السماء والأرض طاعةً لله لا يفترون عنْ عبادته كما قَالَ: {وإنَّا لَنَحْنُ الصَّآفُّوْنَ}، {وإنَّا لَنَحْنُ المُسَبِّحوْنَ} يعني المُصلُّون.

وقال أبو عُبَيْدَةَ: كلُّ مُصطفٌ لا ينظم قطراه - أي: جانباه - فهو صافٌّ «والزَّاجِراتِ زَجْرًا» الملائكةُ، وقيل: كلُّ شيءٍ زجر عن معاصي الله فهو زاجرا ت «والتَّالِياتِ ذِكْرًا» التاليات القُرآنِ.

فإن سَأَلَ سائلٌ، فَقَالَ: لِمَ لَمْ يَقُلْ فالتَّالِيَات تلوًا كما قَالَ «والزاجِرَات زجرًا»؟

فالجواب فِي ذَلِكَ: أن التَّالي يكون التَّابعَ، يقال: تلوتُ فلانًا: إذا تَبِعْتُهُ أي:

جئتُ بعدَه، كما قَالَ: «والقَمَرِ إذَا تَلَاهَا» ويكونُ التَّالي: القارِئ فلما التَبَس بينه الله عز وجل أن التاليات - هاهنا - القارِئات ذِكرًا، لا التَّابعات.

فإن قيل: لِمَ أنث؟

فقل: على تقدير الملائكة التَّالياتِ، والجماعةِ الصَّافاتِ كما قَالَ: {فَنادَتْهُ المَلَائِكَةُ}.

ولو قَالَ قائلٌ: إنَّ التاليات وإن كانت عَلَى لفظ‍ الجماعة يريد بِهِ جبريل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحده لكان جائزًا؛ لأن قولُه: «فَنادتْهُ المَلَائِكَةُ» يراد بِهِ جبريلُ وحده.

وزاد أَبُو عَمْرو عَلَى حَمزة: «فالمُلْقِيَاتْ ذِّكْرًا» «والعاديات ضبحا» - صلى الله عليه وسلم - «فالسَّابِقَاتْ سَّبْقًا» «والسَّابِحَاتْ سَّبْحًا».

<<  <   >  >>