للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة الشمس]

قَرَأَ ابْنُ كَثِيْرٍ وعاصمٌ وابنُ عامرٍ: «وَضُحَاهَا» بالفتحِ، وكذلك أواخر هَذِهِ السُّورة.

وقرأ نافعٌ بين الفَتحِ والكسرِ، وكذلك أَبو عَمْرٍو.

وقرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ بالِإمالة. غيرَ أنَّ حمزةَ كَانَ يفتح ذوات الواو منها خاصة «تلاها» لأنها من تلوت و «سَجا» لأنَّه من سجوت، و «طَحا» لأنَّه من طحوت فأُلزِمَ أن يقرأ: «ضحا» بالفتح، لأنَّه من ذوات الواو لقولك: ضَحو. ولكن الكسائي وأهل العربية ذكروا أن رءوس الآي إِذَا جاوزت ذوات الياء ذوات الواو أميلت كلُّها، ولحمزةَ حجَّةٌ فِيْ فرقة بين «تلا» و «ضحا»، وإن كانا من ذَوات الواوِ؛ لأن أهل الكوفة ذَكروا أن ذوات الواو نحو «ضُحى»، و «عِدى» فِيْ جمع عدوٍّ، ونحوهما يكتب بالياء، ويثنى بالياء لانكسار فاء الفعل في عدى، وضمها فِيْ ضُحى.

وقال أهل البصرة لا يعتل آخر الاسم لأوله، ولا يجيزون كتب ضحا إلا بالألف.

وهو النهار كله.

وقال آخرون: الضُّحى، وهو الشمس لقوله: ضحيت للشمس إِذَا ظهرت لها، وقوله: {وأنك لا تظمؤا فِيها وَلَا تَضْحى} فأمَّا الضحاءُ - بالمَدِّ - فوقت الغداء، وينشد:

أَعْجَلَهَا أَقْدُحِيّ الضُّحاءِ ضُحيّ ... وهيَ تُنَاصِي ذَوَاْئِبَ السَّلَمِ

السَّلَمُ: شجرٌ. وتُنَاصِي: تَناولُ بِفِيْها. والَأضحى: يومُ العِيْدِ يذكَّر ويؤَّنث، والأضحية: ما ينسك يوم الأضحى ويعيد، والجمع أضاحي، وليلة أُضْحِيَان: إِذَا كانت قمراء. فأقسم اللَّه تعالى ب‍ {والشمس وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا} أي:

تبعها: {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا} الهاء فِيْ «جَلاها» كنايةٌ عنْ الظُّلمة ولم يتقدم لَهُ ذكر، وذلك جائز؛ لأنّ العرب قَدْ تكنى عنْ الشيءِ وإن لم يتقدم ذكره إِذَا كَانَ ذَلِكَ مفهومًا غير مُتلبس. {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاء وَمَا بناها} في ما - هاهنا -: غيرُ قولٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدةَ: معناه: ومَنْ بناها يعني اللَّه فزعم أن «ما» بمعنى مَنْ.

وقال آخرون: معناه: والذي بناها. وكان المبرد يختار أن يجعل «ما» مَعَ الفعل مصدرًا. والتقدير: والسماء وبنائها، وجواب القَسمِ لامٌ مقدرة في {قد أفلح من زكاها} والتقدير: لقد أفلح من زكى نفسه بالصدقة {وَقَدْ خاب من دَسَّاها} أي:

<<  <   >  >>