للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة يَس

وقولُه تَعَالى: {يَس}.

قرأ عاصمٌ بروايةِ أَبِي بَكْرِ والكِسَائِيُّ وابنُ عامرٍ وورشٌ: «يَس والقرءانِ الحَكِيْمِ» لا يثبتون النُّونَ عندَ الواوِ، لأنَّ النونَ والتَّنوين إنما يظهران عند حروِف الحَلْقِ.

والباقون يُظهرون «يس» و «نونٌ» فإنما أظهروا لأنَّ ياسين كلمةٌ منفردةٌ عمَّا بعدها، وكذلك حروفُ التَّهَجِّي ينوي بها السَّكتُ والانقطاعُ عمَّا بعده.

وكان حمزةُ يميلُ «يَس» غيرَ مُفرطٍ‍، والكِسائيُّ أشدُّ إمالةً مِنْهُ، وقد ذكرتُ ذَلِكَ فيما سَلَفَ من أنَّ حروفَ الهجاءِ تمال وتُفَخَّمُ وتُمَدُّ وتُقْصَرُ وتذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ.

حدثني ابن مجاهد عن السمري، عن الفراء، قَالَ: قَالَ الْحَسَن «يَس» معناه: يا رجلُ، وقال غيره: «يَس» يا مُحَمَّد وقال آخرون: «يَس» افتتاحُ السُّورَةِ.

وقولُه تَعَالى: {تَنْزيلَ العَزِيْزِ الرَّحِيْمِ}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ وابنُ عامرٍ وحفصٌ عنْ عاصمٍ: «تَنْزِيْلَ» بالنَّصب عَلَى المَصدرِ، كما قَالَ: {صُنْعَ اللَّه الَّذِيْ أَتْقَنَ} وقال الفَرَّاءُ: كما قَالَ: {صِبْغَةَ اللهِ}.

وقرأَ الباقُون: «تَنْزِيلُ» بالرَّفعِ جَعَلُوهُ خبرَ ابتداءٍ مضمرٍ عَلَى تقدير: هَذَا تنزيلُ، وهو تنزيلُ.

وقولُه تَعَالى: {مِنْ بَيْنِ أَيِديِهمْ سَدًّا ومِنْ خَلفِهِمْ سَدًّا}.

قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ وحفصٌ، عنْ عاصمٍ «سَدًّا» و «سَدًّا» بالفَتحِ.

وقرأ الباقون بالضَمِّ، فَقَالَ قومٌ: هما لغتان:

وقال آخرون: ما كانَ من فعلِ بني آدم فهو السُّدُّ، وما وجد مخلوقا فهو السَّدُّ.

وقال أَبُو عَمْرٍو: ما كان من فعلِ اللَّه فهو السُّدُّ، بالضم، فما كان فِي العَين فهو من فعلِ اللَّه: فلذلك قرأها هنا: «مِنْ بَينِ أَيدِيْهِمْ سُدًّا» إلا أنَّ قومًا آذوا رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأرادوه ومكرُوا بِهِ فأغشى اللَّه أبصارهم. يقال: غشَّى وغَطَّى وخَتَمَ وطَبَعَ وسَتَرَ بمعنًى واحدٍ.

وقرأ الحَسَنُ وأبو رجاءٍ: «فَأعشَينَاهُمْ» بالعين يقال: عَشِيَتْ العَيْنُ: إذا عَمِشَتْ، وعَشِيَتْ، عَمِيَتْ، تَعْشَى عشيا بالألفِ، يقال: رَجُل أعشى وامرأةٌ عَشْواءُ، والجَميعُ

<<  <   >  >>