للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُشْوٌ مثل حُمرٍ.

وقولُه تَعَالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ}.

قرأ عاصمٌ فِي روايةِ أَبِي بكرٍ: «فَعَزَزْنَا» مخففًا أي: فَغَلَبْنَا من قولِ العَرَبِ: «مَنْ عَزَّ بَزَّ» أي: من غَلَبَ سَلَبَ.

وقرأ الباقون: «فَعَزَّزْنَا» بالتَّشديدِ أي: قَوَّيْنَا.

وقولُه: «بِثَالِثٍ» أي: بثالثٍ كان قبل الاثنين، وهو فِي التِّلاوة كأنَّه بَعدهما.

والتَّقدير: فَعَزَّزْنَا بثالثٍ الَّذِي كان قبل الاثنين، والثالث هو: يوشع بن نون.

وحدَّثني ابنُ مُجاهدٍ، عنْ مُحَمَّد بْن هارون، عنْ الفَرَّاء، فِي قراءةِ ابنِ مَسْعُودٍ «فَعَزَّزْنَا بالثَّالثِ» بالألفِ واللَّامِ؛ لأنَّ النَّكرة إذا أعيد ذكرها أعيدت بالألف واللام.

وقوله تعالى: {أإن ذُكِّرْتُمْ}.

قد ذكرتُ الاختلافَ فِي الهَمزتين فِي مواضعَ، وإنَّما أعدتُ ذكره لأنَّ المُفَضَّل روى عنْ عاصمٍ: «أيِنْ ذُكِّرْتُمُ» كقراءة ابنِ كثيرٍ بهمزة مقصورة بعدها ياءٌ مكسورة؛ ولأن أبا رَزين قرأَ: «أَيْنَ ذُكِّرْتُمْ» يريد: الآن؛ ولأنَّ ابْنُ حَوْشَب قرأ: «إنْ ذُكِّرْتُمْ» يريد:

لَئِنْ ذُكِّرْتُمْ: وقد استقصيت علل ذَلِكَ فِي كتابِ «الألفات».

وحدثني ابن مجاهد، عن محمد بن هارون، عنْ الفَرَّاءِ، قَالَ: قَرَأَ بعضُهُم: «قَالَ طَيْرُكُمْ مَعَكُمْ» أي: شِؤمكم. تَقُولُ العربُ: طائرٌ لا طَيْرُكَ وطائِرٌ لا طائِرُكَ. والطَّيْرُ:

جمعُ طائرِ.

ورَوى عنْ الْحَسَن، قَالَ: «طَيْرُكُمْ مَعَكُمْ» فالطيْرُ أيضًَا الذُّنُوب، كقوله: {وكلُّ إنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}. والطِّيَرَةُ فِي قولِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لا عَدْوَى، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ، ولا غُوْلَ، ولَا طِيَرَةَ» فإنّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يتبرك بالفألِ وينهى عنْ الطِّيَرَةِ، والفألُ: أن يكونَ لَكَ عليلٌ وتسمع يا سالِمُ فتَبَرَّكُ بِهِ، والطِّيَرَةُ: أن يخرجَ الرَّجُلُ من منزلِه فَيرى رجلًا أعورَ فيرجعُ إلى منزله تَطَيُّرًا، فيقال: طارَ يَطِيْرَ طيرًا وطيرانًا وطَيْرُوْرَةً ومَطَارًا وطِيَرَةً، وطارَ الرَّجُلُ فِي حاجَتِهِ: إذَا أسرعَ، وفلان لا يطيرُ غُرابه، وهو ساكنُ الطَّيْرِ: إذا كان ذَا وقارٍ وسَمْتٍ سِكِّيْتًا، وفلانٌ ما يطور بنا أي: لا يقر بنا. وما فِي الدَّارِ طُوْرِىُّ، ولا طُوَارِىٌّ أي: أحد.

<<  <   >  >>