للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن سورة الزُّخرف

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّه: قد ذكرتُ ألفاظَ‍ السَّبعةِ فِي «حَمَ» وإنما أعدتُ ذكره لأنِّي سَمِعْتُ ابنَ مجاهدٍ يَقُولُ: قرأ ابنُ أَبِي إِسْحَاق: «حم والكتابِ المبين» بالكسرِ جعله قَسَمًا.

وقرأ عِيسَى بْن عُمر: «حم»، وقد ذكرت علّته. قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قَالَ لي الْعَبَّاسُ: قَالَ لي: المُصطفى - صَلَّى الله عليه وسلم - يوم حنين: «ناولني كنارا من حصباء، قال: فكأن البغلة فهمت فانْحَضَجَتْ أي: انْبَسَطَتْ فتَناول هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما أراد ثُمَّ رَمَى فِي وُجُوهِ الكُفَّارِ، وقال: شاهَتِ الوُجُوْهُ، أيْ:

قَبُحَتْ «حم لا يُنْصِرُوْنَ» «قَالَ: فانهزَمَ النَّاسُ، وكانُوا ثلاثين ألفًا، قَالَ عليٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي المعمعة قبل الهزيمة: وقد بقينا سبعةَ نَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد حَزِنَنَا الَأمرُ فقلتُ: تقدم رَسُول اللَّه أمامنا فما هُوَ أن تكلم بكلامه، ورمى حتَّى أَعَطُوا الأكتافَ، والَأقْفَاءَ، فأَنزلَ اللَّه تَعَالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى} قَالَ: المُبَرِّدُ: وما رميتَ بقوّتك يا مُحَمَّد إذ رَميت يا محّمد ولكنْ بقوّةِ اللَّه رميتَ. وقال ثَعلبُ: وما قَذفتَ الرُّعبَ فِي قلوبِهم يا مُحَمَّد ولكنَّ اللَّه قَذَفَ فِي قلوبهم الرُّعب حَتَّى انهزموا.

وقال غيرها: لما رَمَى رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الكفّ من الحَصْبَاءِ صارَ فِي عينِ كلِّ واحدٍ من الكَفَرَةِ غَشَاوَةٌ وظُلمَةٌ، وظَلَّوا يَمسحون التُّراب عنْ وُجوههم، قَالَ اللَّه تَعَالى: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} أي: لم تَكُنْ لتُوصل التُّراب إلى عيونٍ ثلاثينَ أَلفًا ولكن اللَّه أوصله. ويُقال: الَّذِي رَمى فِي ذَلِكَ اليوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقولُه تَعَالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ}.

قرأ نافعٌ وحَمزةُ والكِسَائِيُّ: «إنْ كُنْتُمْ قَوْمًا» بكسر الهمزةِ جعلوه مستأنفًا شرطًا.

وقرأ الباقون: «أنْ كُنْتُمْ» جعلوه فِعلًا ماضيًا أراد: إذْ كنتم، كما قَالَ: {أنْ جَاءَهُ الَأعْمَى} أي: إذْ جاءه الَأعمى. وكذلك: أَسُبُّك أنْ حَرَمْتَنِيْ، فموضع «أنْ» نصبٌ عند البَصريّين، جَرٌّ عندَ الكُوفيّين؛ لأنَّ التَّقديرَ: الذِّكرَ صفحا

<<  <   >  >>