لأن كُنتم وبأن كُنتم قومًا مسرفين، والمُسرف: الَّذِي يُنفق فِي مَعْصِيَةٍ ولا إسرافَ فِي طاعةِ اللهِ. وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا إسراف فِي المَأكول والمَشْرُوْبِ».
وقرأ الناسُ كلُّهم:«الذِّكْرَ صَفْحًا» بفتحِ الصَّادِ إلَّا سُمَيْطُ بن عمير وشبيل بن عزرة فإنهما قرءا «صُفْحًا» بضمِ الصَّادِ، وهما لُغتان: الصَّفح، والصُّفح، وضربته بصَفح السَّيف وصُفحه أي: بعَرضه، وضَربتُهُ بالسيف مُصَفَّحًا، وشُبَيْلُ بْن عَزْرَةَ هَذَا القارِئُ:{وادكر بعد أمة} وهذا الذي روى عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ:«مَثلُ الجَلِيْس الصَّالحِ مِثلُ العطار إنْ أصبتَ من عِطْرِهِ، وإلّا أصبت من رائِحَتِهِ ... » حَدَّثَنَا أَبُو بكرٍ بْنُ الَأشعث، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأزهر أَحْمَد بْن الأزهر، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْن عامرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُبَيْلُ بْن عَزْرَةَ، عنْ أنس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مثل الجليس الصَّالح مثل العطَّار إن لم تُصب من عطره أصبت من ريحه».
وقوله تعالى:{أومن يُنَشَّؤُا فِي الحِلْيَةِ}.
قرأ حمزةُ والكِسَائِيُّ وحفصٌ، عن عاصم:«ينشأ» بالتشديد جَعَلُوا «مَنْ» فِي موضعِ مفعولٍ؛ لأنَّ اللَّه تَعَالى قَالَ:«إنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً» فأنشأتُ وَنشَأْتُ بمعنًى: إذا رَبَّيْتُ، يُقال: قد نَشَأَ فلانٌ، ونشَّأه غيرُهُ، ويُقال: غُلامٌ ناشئٌ، إذا أدرك، وَيُقَال:
قد أشهد الغُلام: إذا احتَلَمَ، وبلغَ أَشُدَّه، وقيل: احتَلَم، وقيل: بَلَغَ ثمانِي عشرة سنةً، وقيل خمسًا وثلاثين سنةً، وبلغ الغُلام السَّعْيَ: إذا احتَلَمَ. قيل:{فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ} قَالَ: كان ابنُ ثلاثَ عَشْرَة، ويُقال قد أخْضَرَّ إزارُهُ: إذا احتَلَمَ، وذلك أن ابْنُ عُمر أُتِيَ بغلامٍ قد سَرَقَ، فَقَالَ: إن كان قد اخْضَرَّ إِزاره فاقْطَعُوه.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: إنما كَنَّى بنبَاتِ شعرِ عانَتِه، كما تَقُولُ العَرَبُ: فلانٌ عفيفُ الإِزار: إذا كان صائِنًا لفَرجه، ويُقال: أنبت: إذا احْتَلَمَ، وقيل فِي قولِهِ تَعَالى:{ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} قَالَ: هُوَ نَبَاتُ شِعْرته وإبطه.