للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ومن سورة قريش]

قرأ القراء السبعة خلا ابْنُ عامر: «لِإيلَاف» بِلامٍ مكسورةٍ وبعدها ياءٌ «إيْلافِهِمْ» مثل الأول، مثل إيمانهم؛ لأنَّه مصدر ألف يؤلف إيلافًا فهو مؤلَفٌ، وأصل الياء السَّاكنة همزةٌ غير أنها صارت ياء لانكسار ما قبلها، وإنما ذكرته لأنَّ ابنَ مُجاهدٍ حَدَّثَنِي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد، عنْ عاصم قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن حسن، عنْ يُونس بْن حبيب، عنْ أَبِي عَمْرٍو أَنَّهُ قَرَأَ: «إلْفِهِمْ» بإسكان اللام، وكسر الهمزةِ والفاء جعله مصدرَ أَلِفَ يَأْلَفُ إلْفًا، فهو آلفٌ.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَرَأَ: «ويل أُمّكم قريش إِلْفِهِمْ».

وقرأ أَبُو جَعْفَرٍ: «إلَافِهِمْ» بفتح اللَّامِ، وهو مصدر ألف أيضًا.

وقرأ عاصمٌ فِيْ الشَّواذِ عَنْهُ «لإئلاف قريش» بهمزتين أتيا بعد اللَّامِ «إِءْلافِهِمْ» بهمزتين، والمشهور عَنْهُ مثل قراءِة أَبِي عَمْرو.

وقرأ ابْنُ عامر: «لِإلافِ قُرِيْش» بقصرها بكسر الهمزة ولا يمدها «إِلافِهِمْ» مثل أَبِي عَمْرو. وكأنَّ ابنَ عامرٍ أراد «لِإيلاف» فترك المدَّ تخفيفًا.

واختلفَ أهلُ العَرَبِيَّةِ فِيْ هَذِهِ اللَّام، فَقَالَ قومٌ: هِيَ لامُ التَّعجُّبِ، ومعناه: أعجب يا مُحَمَّد لِإلاف اللهِ قُريشًا، وذلك أن قريشًا كانوا ببلاد غير ذي زرع، كانوا يرتحلون رحلتين، رحلة الشتاء ورحلة فِيْ الصَّيف إلى اليمن والشام فيمتارون ما يحتاجون إِلَيْه، فشقَّ ذَلِكَ عليهم فكفاهم اللَّه أمر الرِّحلتين. بل كانت تأتيهم العير والقوافل بما يحتاجون إِلَيْه، فذكَّرهم اللَّه نعمتَه عليهم؛ صرف الفيل عنهم، وكفاهم أمر الرحلتين، ومع ذَلِكَ لا يؤمنون، فقيل: اللام لام التعجب، وقيل: اللام لام الِإضافة، وهي متصلة ب‍ «أَلَمْ تَرَ» فعلى هَذَا القول: «ألم تر» و «لِإيلاف» سورةٌ واحدةٌ «فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ} {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ».

وقال الخَلِيْلُ وأصحابُهُ اللَّامُ مُتَّصِلةٌ ب‍ «فَلْيَعْبُدُواْ» وتلخيصه فليعبدوا ربَّ هَذَا البيت لإيْلاف قُريشٍ عَلَى التَّقديمِ والتَّأخيرِ.

<<  <   >  >>