للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنزله عَلَيْهِ السَّلَام، فقالت: إنّ أمي تَقرأ عليك السَّلَام يا رَسُول الله، وتقول: أَعطِنا ممَّا رَزَقَكَ اللهُ، فَنَظَرَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيْ بيته فلم يَجِدْ شيئا، قال:

قولي لَها: لَيْسَ عندنا شيءٌ، قالت: فإنها تَقُولُ لَكَ، فأعطِنَا قَمِيْصَكَ حتَّى نَبِيْعَهُ، فَنَزَعَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قميصه وجلس فِيْ البيت عُريانًا. فأنزل الله تَعَالى:

{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ‍ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}. فأمره الله تَعَالى بالاقتصاد، وأن ينفق من فضلٍ، وأخذ بأدب الله. ثُمَّ أتته سائِلَةٌ أُخرى ففعلَ بها مثلَ ذَلِكَ فأنزل الله تَعَالى: {وإنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ}.

وقولُه تَعَالى: {يُضاعِفْ لَهُ العَذَابُ}.

قرأ ابن كثير: «يُضَعَّفْ» بالتَّشديدِ والجَزْمِ.

وقرأ ابنُ عامرٍ: «يُضَعَّفُ» بالرَّفع والتَّشديد.

وقرأ عاصمٌ برواية أبي بكرٍ: «يُضَاعِفُ» بالرفع والألف.

وقرأ الباقون: «يُضَاعَفْ» بالجزم والألف، وقد ذكرت علّة التَّخفيف والتَّشديد فِيْ البقرة وإنما أذكر علة الرفع والجزم هاهنا فمَنْ جَزَمَ جعله بدلًا من جوابِ الشَّرطِ‍، لأن «وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلك» وجوابه «يَلْقَ أَثَامًا» ف‍ «يَلْقَ» جزمٌ، لأنَّه جوابُ الشَّرطِ‍، وسقط‍ الألف من آخره علامةً للجزم، و «يُضاعَفْ» بدلٌ من يَلْقَ و «يَخْلُدْ» نسقٌ عَلَيْهِ. ومَنْ رَفَع فقد استغنى بالكَلامِ وتَمَّ جوابُ الشَّرطِ‍ فاستأنف «يُضاعَفُ».

وَقَالَ آخرون: إِذَا جئتَ بعدَ جوابِ الشَّرط‍ بأجوبةٍ كنت مخيرًا فيها إن شئت استأنفت، وإن شئت أبدلت، وإن شئت عطفت إِذَا كان بالواو والفاء، وإن شئتَ نصبت عَلَى الظَّرف فِيْ قولِ الكوفيين، وبإضمار «إن» فِيْ قولِ البَصريين، ولو قرأ قارئٌ «ويَخْلُدَ فيه مُهَانًا» بالنَّصْب لكان صوابًا فِيْ العَرَبِيَّةِ، ولا أعلم أنَّ أحدًا قرأ بِهِ، غير أن الرفع والجزم مقروءان فالرَّفعُ «ويَخْلُدُ» عَنْ عاصمٍ وابنِ عامرٍ والجَزْمُ عَنْ الباقين.

وفيها قراءةٌ ثالثة: روى حُسَين الجُعفي عَنْ أبي عَمْرو «ويُخْلَدُ» بضم الياء وفتح اللام عَلَى ما لم يُسم فاعله.

قَالَ ابنُ مجاهدٍ: وهو غَلَطٌ‍.

وقولُه تَعَالى: {فِيْهِ مُهَانَا}.

قرأ ابنُ كثيرٍ وحفصٌ عَنْ عاصمٍ «فِيْهِيْ مُهَانًا» يصلان الهاءَ بياءٍ.

<<  <   >  >>