للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْآيَةِ، فَمَنْ نَصَبَ نَسَقَهُ عَلَى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} .......... {وَأَرْجُلَكُمْ} وَهُوَ الِاخْتِيَارُ بِإِجْمَاعِ الْكَافَّةِ عَلَيْهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَحْدُودَ مَعَ الْمَحْدُودِ أَوْلَى أَنْ يُؤْتَيَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ كُلُّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحُدَّهُ، وَكُلُّ مَا حَدَّهُ فَهُوَ مَغْسُولٌ نَحْوَ «أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ» وَ «وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ».

وَمَنْ كَسَرَ فَحُجَّتُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ الْقُرْآنَ بِمَسْحِ الرِّجْلِ، ثُمَّ عَادَتِ السُّنَّةُ إِلَى الْغَسْلِ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّعْبِيُّ، وَالْحَسَنُ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَنْ قَرَأَ «وَأَرْجُلِكُمْ» بِالْكَسْرِ، لَزِمَهُ أَنْ يَمْسَحَ، وَمَنْ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ خَفَضَ «وَأَرْجُلِكُمْ» خَفَضَهُ عَلَى الْجِوَارِ فَهُوَ غَلَطٌ‍، لِأَنَّ الْخَفْضَ عَلَى الْجِوَارِ لُغَةٌ لَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ لِضَرُورَةِ شَاعِرٍ، أَوْ حَرْفٍ يَجْرِي كَالْمَثَلِ كَقَوْلِهِمْ «جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ» وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الْغَسْلَ مَسْحًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}. أَيْ: غَسَلَ أَيْدِيَهَا وَأَرْجُلَهَا مِنَ الْغُبَارِ.

- وقَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً}.

قَرَأَ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ: «قَسِيَّةً» بِغَيْرِ أَلِفٍ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ «قَاسِيَةً» بِأَلِفٍ، وَالْأَمْرُ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ، فَعِيلَةٌ وَفَاعِلَةٌ مِثْلَ زَكِيَّةٍ وَزَاكِيَةٍ، وَكَقَوْلِهِمْ: عَلِيمٌ وَعَالِمٌ بِمَعْنًى.

وَقَالَ آخَرُونَ: قَسِيَّةً: رَدِيئَةً، مِنْ قَوْلِهِمْ: دِرْهَمٌ قَسِيٌّ، أَيْ: بَهْرَجٌ، وَالْأَصْلُ فِي قَاسِيَةٍ: قَاسِوَةٌ، لِأَنَّهُ مِنْ قَسَا يَقْسُو، فَقَلَبُوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً، لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَالْأَصْلُ فِي قَسِيَّةٍ: قَسِيوَةٌ فَقَلَبُوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً، لِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ وَاوٌ وَيَاءٌ وَالسَّابِقُ سَاكِنٌ قَلَبُوا مِنَ الْوَاوِ يَاءً وَأَدْغَمُوُا الْيَاءَ فِي الْيَاءِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا}.

قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِيَاءٍ فِي الْوَصْلِ، وَوَقَفَ بِغَيْرِ يَاءٍ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ يَاءٍ وَصَلُوا وَوَقَفُوا، فَمَنْ حَذَفَ تَبِعَ الْمُصْحَفَ، وَاجْتَزَأَ بِالْكَسْرَةِ عَنِ الْيَاءِ، وَمَنْ أَثْبَتَهُ وَصْلًا فَعَلَى الْأَصْلِ، وَمَنْ حَذَفَ وَقْفًا اتِّبَاعًا لِلْمُصْحَفِ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}.

قَرَأَ وَرْشٌ، عَنْ نَافِعٍ: «مِنَ اجْلِ ذَلِكَ» فَنَقَلَ فَتْحَةَ الْهَمْزَةِ إِلَى النُّونِ وَأَسْقَطَ‍ الْهَمْزَةَ لَفْظًا، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُ فِي سَائِرِ الْقُرْآنِ نَحْوَ {قَدَ افْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ}. وَهِيَ لُغَةٌ فَصِيحَةٌ.

<<  <   >  >>