للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّاني هُوَ الأول لأدخلتَ عَلَيْهِ الألف واللام فكنت قائلا: إن مَعَ العُسر يسرا إن مَعَ العسر يسرا. إن مَعَ العسر اليسر، فلما كرر بغير ألف ولام دل عَلَى أن الثَّاني غير الأول. وهذا دقيقٌ من علم القرآن. وإنما فتقها ترجمان القرآن ببركة دعاءِ رسولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ وبأن بعلمه كتاب اللَّه.

وقال ابْنُ مجاهدٍ: ما قَرَأَ أحدٌ إلا «فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ» بفتح الزّاي. فأما العرب منهم من يَقُولُ فَرَغَ يَفْرُغْ مثل سَجَدَ يَسْجُدُ، وفَرَغَ يَفْرَغُ مثل دَبَغَ يَدْبَغُ، وفَرَغَ يَفْرَغُ مثل قَبِلَ يَقْبَلُ، وفَرَغَ يَفْرِغُ مثل ضَرَبَ يَضْرِبُ وفَرِغَ يَفْرَغُ مثل شَرِبَ يَشْرَبُ كلُّ ذَلِكَ صوابٌ بحمدِ اللَّه. والمعنى: فإذا فرغت من الصلاة فانْصب للدُّعاء وارغب إلى ربّك.

وكان شريح يذهب إلى أن العبدَ يجب عَلَيْهِ أن يرغب إلى ربه وينصب فِيْ كل حال إِذا كَانَ فراغًا من صلاة وغيرها.

حَدَّثَنِي ابنُ مجاهد، عنْ السِّمَّرِيِّ، عنْ الفَراء، قَالَ: حَدَّثَنِي قيس بْن الربيع، عنْ أَبِي حصين، قَالَ: مَرَّ شريحُ برجلين يصطرعان فَقَالَ: ليس بهذا أمر فارغ، إنّما قَالَ تَعَالى: {فإذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ} حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن عبدان، عن علي، عن أبي عبيد: «أن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرَّ بقومٍ يَرْبَعُوْنَ حجرًا، فَقَالَ: ما هَذَا؟ قَالُوا:

حجر الَأشِدَّاء، قَالَ: أولا أدلكم عَلَى أشدكم، من مَلَكَ نفسه عنْد الغضب قَالَ: أَبُو عَبْد اللَّه وصدق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ومثله إنّ العرب تَقُولُ: الغَضَبُ غُوْلُ الحَلِيْم أي: هَلَاكُهُ، ومعنى يربعون حجرًا: الربع: الِإشالة ليعلم بذلك قوة الْإِنْسَان من ضَعفه، وَيُقَال للعصا الَّذِي تحمل بها الجَوَالِقُ: المربعة، وينشده:

أين الشاظان وأين المربعه ... وأين وَسْقَ النَّاقَةِ المُطَبَّعَهْ

ويروي: الجَلَنْفَعَه وتفسير هَذَا البيت فِيْ كتاب

<<  <   >  >>