للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهَذَا مِنْ أَجْمَعْتُ، وَلَوْ كَانَ مِنْ جَمَعْتُ لَكَانَ مَجْمُوعًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ}.

فَأَمَّا قَوْلُهُ: «وَشُرُكَاءَكُمْ» فَقَرَأَ الْقُرَّاءُ بِالنَّصْبِ قَالَ الْفَرَّاءُ: نَصَبَهُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ وَالتَّقْدِيرُ: فَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ وَادْعُوا شُرُكَاءَكُمْ.

وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: هُوَ مَفْعُولٌ مَعَهُ، لِأَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى «مَعَ» والتقدير: فاجمعوا أمركم مع شركائكم.

وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَحْدَهُ «وَشُرُكَاؤُكُمْ» بِالرَّفْعِ فَعَطَفَ ظَاهِرًا عَلَى مَكْنِيٍّ مَرْفُوعٍ، وَإِنَّمَا صَلُحَ ذَلِكَ حَيْثُ فَصَلَ بَيْنَهُمَا الْمَفْعُولُ فَنَابَ عَنِ التَّأْكِيدِ، وَالتَّأْكِيدُ أَنْ تَقُولَ: فَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرُكَاؤُكُمْ.

كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ شَاهِدًا لِأَجْمَعُوا بِقَطْعِ الْأَلِفِ.

أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ بِلَيْلٍ فَلَمَّا ... أَصْبَحُوا أَصْبَحَتْ لَهُمْ ضَوْضَاءُ

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ}.

قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ «آلسِّحْرُ» بِالْمَدِّ جَعَلَ «مَا» بِمَعْنَى أَيْ وَالتَّقْدِيرُ: أَيُّ شَيْءٍ جِئْتُمْ بِهِ آلسِّحْرُ هُوَ؟ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَسِحْرٌ هَذَا} وَهَذِهِ الْأَلِفُ تَوْبِيخٌ فِي لَفْظِ‍ الِاسْتِفْهَامِ فَهُمْ قَدْ عَلِمُوا أَنَّهُ سِحْرٌ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ: «مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ» أَيِ: الَّذِي جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ، وَ «مَا» ابْتِدَاءٌ وَ «جِئْتُمْ بِهِ» صِلَتُهُ، وَ «السِّحْرُ» خَبَرُ الِابْتِدَاءِ كَمَا تَقُولُ: الَّذِي مَرَرْتُ بِهِ زَيْدٌ، وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَفِي قِرَاءَتِنَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَكُلُّ نَكِرَةٍ إِذَا أُعِيدَتْ صَارَتْ مَعْرِفَةً، وَفِي حَرْفِ أُبَيٍّ: «مَا أَتَيْتُمْ بِهِ السِّحْرُ».

وَحَدَّثَنِي ابْنُ مُجَاهِدٌ، عَنِ السِّمَّرِيِّ، عَنِ الْفَرَّاءِ، قَالَ: يَجُوزُ فِي النَّحْوِ «مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرَ» بِالنَّصْبِ، عَلَى أَنْ يَجْعَلَ «مَا» شَرْطًا، وَجَوَابُهُ الْفَاءُ مُضْمَرَةٌ فِي قَوْلِهِ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عمل المفسدين» وتلخيصه: إن اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ.

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعَانِّ}.

قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحْدَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ ذَكْوَانَ «تَتَّبِعَانِ» بِتَخْفِيفِ النُّونِ.

وَالْبَاقُونَ بِتَشْدِيدِهَا، وَهِيَ النُّونُ الَّتِي تَدْخُلُ لِلتَّوْكِيدِ وَالنَّهْيِ تَكُونُ مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةَ التَّاءِ مِنْ تَبِعَ يَتْبَعُ.

<<  <   >  >>