للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَيَقُولُ «أَيِذَا» وَ «أَيِنَّا».

وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو وَلَا يُمِدُّ الهمزة الثانية لكنه يجعلها لفظة كالياء «أإذا» «أإنا» وَالْيَاءُ سَاكِنَةٌ.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ بِالِاسْتِفْهَامِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحَذْفِ فِي الثَّانِي، غَيْرَ أَنَّ الْكِسَائِيَّ يَهْمِزُ هَمْزَتَيْنِ مِثْلَ حَمْزَةَ، وَنَافِعٌ مِثْلَ أَبِي عَمْرٍو، وَحُجَّتُهُمَا قَوْلُهُ: {أَفَإِنْ مِتُّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} وَلَمْ يَقُلْ: أَفَهُمُ.

وَأَمَّا ابْنُ عَامِرٍ فَإِنَّهُ قرأ ضد الكسائي «إذا كنا» «أإنا» وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَيْنِ إِذَا اجْتَمَعَا كَانَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِفْهَامِ مَعَ جَوَابِهِ وَالْعَرَبُ تَخْزِلُ الِاسْتِفْهَامَ اجْتِزَاءً بِالْجَوَابِ فَيَقُولُونَ: قَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو؟ يُرِيدُونَ: أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو؟ قَالَ الشَّاعِرُ:

تَرُوحُ مِنَ الْحَيِّ أَمْ تَبْتَكِرْ ... وَمَاذَا يَضُرُّكَ لَوْ تَنْتَظِرْ

أَرَادَ: أَتَرُوحُ؟ كَمَا قَالَ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي:

أَمْرَخٌ خِيَامُهُمُ أَمْ عُشَرْ ... أَمِ الْقَلْبُ فِي إِثْرِهِمْ مُنْحَدِرْ

الْمَرْخُ وَالْعُشَرُ: شَجَرَانِ، فَالْمَرْخُ: نَبْتٌ بِنَجْدَ، وَالْعُشَرُ بِغُورِ تِهَامَةَ، فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي أَنْجَدُوا أَمْ غَارُوا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: «فِي كُلِّ الشَّجَرِ نَارٌ، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ وَالْعِفَارُ».

- وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}.

أَثْبَتَ ابْنُ كَثِيرٍ الْيَاءَ فِي «الْمُتَعَالِي» وَصَلَ أَوْ وَقَفَ عَلَى الْأَصْلِ، وَأَثْبَتَهَا نَافِعٌ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ وَصْلًا، وَحَذَفَا وَقْفًا لِيَكُونَا تَابِعَيْنِ لِلْمُصْحَفِ فِي الْوَقْفِ، وَتَابِعَيْنِ لِلْأَصْلِ فِي الْوَصْلِ.

وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِغَيْرِ يَاءٍ وَصَلُوا أَوْ وَقَفُوا، وَلَهُمْ عِلَّتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: خَطُّ‍ الْمُصْحَفِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ الْعَرَبَ يَجْتَزِئُ بِالْكَسْرَةِ عَنِ الْيَاءِ الشَّدِيدَةِ وَأَنْشَدَ سِيبَوَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ:

فطرت بمنصلي في يعملات ... دوامى الأيد يخبطن السَّرِيحَا

أَرَادَ: الْأَيْدِي فَحَذَفَ الْيَاءَ: وَ «الْمُتَعَالِ» مُتَفَاعِلٌ مِنَ الْعُلُوِّ، وَالْأَصْلُ: مُتَعَالِوْ، فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا كَقَوْلِكَ: الدَّاعِي وَالْغَازِي، وَالْأَصْلُ: الدَّاعِوْ وَالْغَازِوْ فَصَارَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا، وَتَعَالَى اللَّهُ: تَفَاعَلَ مِنَ الْعُلُوِّ، وَتَبَارَكَ: تَفَاعَلَ مِنَ

<<  <   >  >>