للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، قَالَ: مَا لَبِسَ الرِّجَالُ لِبَاسًا أَحْسَنَ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ، وَلَا لَبِسَ النِّسَاءُ لِبَاسًا أَحْسَنَ مِنَ الشَّحْمِ، وَفِي غَيْرِ الْحَدِيثِ: «وَمَا لِلْمَرْأَةِ سِتْرٌ إِلَّا سِتْرَانِ: زَوْجُهَا وَقَبْرُهَا».

- وحدثني ابن دريد رحمه الله، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ: جَمَالُ الرَّجُلِ الْفَصَاحَةُ، وَجَمَالُ الْمَرْأَةِ الشَّحْمُ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ سِتْرٌ إِلَّا سِتْرَانِ زَوْجُهَا وَقَبْرُهَا.

ذَاكَرْتُ أَبَا عِمْرَانَ الْقَاضِي بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ دُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، قَالَ: تَقُولُ الْعَرَبُ: جَمَالُ الرَّجُلِ الْفَصَاحَةُ، وَجَمَالُ الْمَرْأَةِ الشَّحْمُ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ سِتْرٌ إِلَّا سِتْرَانِ زَوْجُهَا وَقَبْرُهَا، فَقَالَ الْقَاضِي: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَيَاءُ الرَّجُلِ فِي عَيْنَيْهِ، وَحَيَاءُ الْمَرْأَةِ فِي أَنْفِهَا.

وَكَانَ ابْنُ شُبْرُمَةَ أَحَدَ الْعُلَمَاءِ بكلام العرب، وكان من ذَلِكَ فَقِيهًا أَدِيبًا، وَكَانَ قَاضِيًا ثُمَّ صَارَ قَاضِي الْقُضَاةِ.

- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُهَلَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُعَدَّلِ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.

قَالَ: قَدِمَ ذُو الرُّمَّةِ الْكُوفَةَ، فَأَنْشَدَنَا قَصِيدَتَهُ الْحَائِيَّةَ، فَلَمَّا بَلَغَ قَوْلَهُ:

إِذَا غَيَّرَ النَّأْيُ الْمُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْ ... رَسِيسُ الْهَوَى مِنْ حُبِّ مَيَّةَ يَبْرَحُ

فَقَالَ لَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ: فَقَدْ بَرِحَ يَا غَيْلَانُ، فَفَكَّرَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: «لَمْ أَجِدْ رَسِيسَ الْهَوَى» قَالَ: فَانْصَرَفْتُ إِلَى أَبِي الْحَكَمِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ الْمُخْتَارِ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ:

أَخْطَأَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إِذْ رَدَّ عَلَيْهِ، وَأَخْطَأَ ذُو الرُّمَّةِ حَيْثُ رَجَعَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} أَيْ: لَمْ يَرَهَا وَلَمْ يَكَدْ.

وَيُقَالُ: لَمْ يَكَدْ هَاهُنَا بِمَعْنَى لَمْ يُرِدْ، وَهَذَا غَلَطٌ‍، لِأَنَّ ذَا الرُّمَّةِ لَا يَذْهَبُ عَلَيْهِ هَذَا، لِأَنَّهُ كَانَ قَدَرِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ بِالْقَدَرِ.

قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكَاتِبِ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ مَيْمُونَ، عَنِ الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ، عَنْ عَنْبَسَةَ النَّحْوِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا الرُّمَّةِ يُنْشِدُ:

وَعَيْنَانِ قَالَ اللَّهُ: كُونَا فَكَانَتَا ... فَعُولَانِ بِالْأَلْبَابِ مَا تَفْعَلُ الْخَمْرُ

قُلْتُ لَهُ: قُلْ: فَعُولَيْنِ، قَالَ: قُلْ أَنْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، كَأَنَّ ذَا الرُّمَّةِ، أَرَادَ: الْعَيْنَانِ فَعُولَانِ، وَقَالَ: النَّحْوِيُّونَ: فَعُولَيْنِ، أَيْ: قَالَ

<<  <   >  >>